الزبيدي مع الوائلي في السيدة زينب -1995
للصورة تاريخ ..
تعود علاقة والدي الحاج صولاغ جبر "رحمه الله" بالشيخ احمد الوائلي زعيم المنبر الحسيني"رحمه الله" الى بداية الخمسينيات من القرن الفائت حيث السوق الكبير ومحلة السراي في مدينة النخيل والمياه والزراعة وعطاء الانسان ميسان.
استمرت تلك العلاقة تنمو مثل نخيل العمارة في الستينات والسبعينات بعد انتقالنا الى الكاظمية وبقي صوته وهو يرتقي المنبر في مجالس والدي  يتردد في المكان الحسيني حيث يولم الحاج " رحمه الله " للحسين ومشايته وللراحلين في اربعينه  "سلام الله عليه " فيما صوت الراحل الوائلي مقيم لايرحل عن التردد في جنبات روح والدي!.
في نهاية الثمانينات "وكنا في سوريا معارضين لنظام صدام ونمثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق في سوريا ولبنان"رن ذات يوم جرس الهاتف في مكتبي واذا بالصوت هو ذاته الصوت الذي كان يتردد في نفسي ايام الحسين "ع" في مجلس الحاج صولاغ جبر " رحمه الله ".
واذا بالشيخ الوائلي على الهاتف يود زيارتي وحين التقينا جمعت في مساء اللقاء المشترك جلستين ومجلسين .. جلسة الوالد مع الوائلي الكبير "وقد تذكرها في هذا اللقاء" وجلستي معه ونحن في مرحلة الصراع مع الدكتاتورية مثلما ضمنا مجلسان
مجلس الحسين"ع" حيث بدت ملامحه بشيبته العبقرية وصوت ومعالم الاسلام المحفورة في عيون الوائلي .. ومكتب المجلس الاعلى.
وطيلة سنوات نهاية الثمانينات كنا نلتقي سماحة عميد المنبر الحسيني ونتداول مختلف الاوضاع السياسية في العراق وآفاق تطور عمل المعارضة العراقية تارة ازوره في داره وتارة اخرى استقبله في داري.
كان الوائلي الكبير حريصا على قراءة جريدة " نداء الرافدين" صوت المعارضة العراقية واكبر صحفها واوسعها انتشارا .. وكنا نرأس تحريرها ومسؤولية اصدارها في سوريا ولبنان وتوزع في اكثر من 25 بلدا.
كان الوائلي الكبير يزورني ويتردد على مكتب المجلس الاعلى الكائن في الزاهرة الجديدة لكن المنطقة تتحول زاهرة وجديدة في ثوبها وشكلها ومنظرها في الصباح والمساء بطلعة الشيخ العميد الزاهرة.. الجديدة.
وكما توطدت علاقة والدي "رحمه الله" بالوائلي الكبير في الستينات والسبعينات تجذرت وقوت وتطورت علاقتي بالشيخ العميد في التسعينات وتعمقت واخذت اشكالا مختلفة عبر تدرج العلاقة في الصعود الى الارتفاعات!.
كان يتمنى زيارة السيد محمد باقر الحكيم الذي يقيم في ايران ويطالبني الايفاء بالوعد في كل مره يراني فيها وكنت دائب التواصل مع شهيد المحراب بهذا الشان والالحاح بضرورة اللقاء حتى التقى الجبلان في بيروت ودمشق وكنت ثالث هذا اللقاء المشترك ..
يومها بث الفقيهان لواعج التاريخ وآفاق عمل المعارضة العراقية وكانا في هذا اللقاء يفيضان سماحة وفكرا وتاريخا مجيدا كما كان يفيض الوائلي الكبير على المنبر فكرا واجتهادا وعبقرية وحجة مثقلة بالادلة ومثلما يسترسل شهيد المحراب على ذات المنبر !.
اصيب سماحة العميد الوائلي بمرض السرطان اواسط التسعينات وسافر الى لندن للعلاج وكنا نتواصل معه على الهاتف اطمئنانا على صحته.
اخبرني مرافقوه في رحلة العلاج وهو على سرير المرض انه لم يكن يجيب على الهواتف لثقل المرض وجرعات الكيماوي التي كان يتلقاها الا من هاتفي..
كان يوصي مقربيه ان يحدثني ويطمنئني على صحته.
كنت اسمع صوته على الهاتف من لندن وهو يقول لي "ان جرعات الكيماوي مؤلمة وان الالام التي يعانيها  من الجرعات الكيماوية اكثر ثقلا من المرض نفسه" ..
ثم اتلقى جرعات من صوته الخفيض على الطرف الآخر من الهاتف .."اسال الله ان لايري اي مسلم ومؤمن علاج الكيمياوي ".
رحل الشيخ الوائلي عن الدنيا عام 2003 لكنه لم يرحل عن ذاكرتي ومكان السوق الكبير ومجلس والدي "رحمه الله" ..
لم يرحل عن سنوات وتاريخ الكفاح الوطني وكنا مستضعفين مطاردين في الآفاق السورية والايرانية والغربية ..
وصوت بدر شاكر السياب يتردد فوق جنازة العميد ..
الشمس اجمل في بلادي من سواها والظلام..
حتى الظلام هناك اجمل فهو يحتضن العراق!.
باقر الزبيدي

تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك