اسوار بغداد .. المقدمة .. عمار البغدادي



             كلمة لا بد منها ..
بيان جبر شخصية اشكالية في كل المراحل.. سواء في المعارضة العراقية أو في زمن ما بعد 2003 عبر التدرج في تاريخ الوزارات العراقية.. فما كان من أمر بيان دليل على حيوية الاشكالية التي حملها اسمه .. ومثلما كان شخصية اشكالية كما قلنا تحولت الوزارات التي تسنمها (الداخلية ,الاسكان , المالية واليوم النقل ) وزارات اشكالية ايضا … لقد ترك بيان جبر في كل وزارة بصمة ومن يأتي بعده اما ان يكون قريبا من بصمته او مجاورا لها.. واذا ابتعد عنها اتهم بالمروق عن القدرة في بسط الامن في الذهن الشعبي العام واذا قصر بسبب غياب الكفاءة كما كان بيان جبر كفوءا في ادارة تلك الوزارة صب العوام غضبهم على الوزير الجديد وتذكروا الايام الخوالي .! البينة الجديدة يسرها ان تنشر وابتداء من هذا العدد هذا الحوار على شكل حلقات نظرا لما تضمنه من حقائق واشياء كثيرة حري لكل عراقي ان يطلع عليها 

الحلقة 1 
وبسبب هذه «الجدلية الداخلية» في شخصيته كانت المهمات التي اداها او التي كان جزءا محوريا في صناعتها من زمن المعارضة العراقية الى تاريخ تغيير الحكومة العراقية السابقة جدلية أيضا ..فليس هنالك مهمة «بسيطة» او انه خاض مهمات بسيطة في يوميات عمله الحزبية او السياسية..فالرجل منذ ان عرف دوره الاخلاقي في اطار مهمة صعبة في الثمانينات مع السيد الحكيم والمجلس الاعلى وحركة المجاهدين العراقيين اعد  نفسه لتلك المهمات الصعبة..وحتى القيادة التي ينتمي اليها في الهيئة المشرفة على ادارة المجلس الاسلامي لايعرف تكليف الرجل بمهمات بسيطة ..
نعم .. انه رجل المهمات الصعبة وستبقى الايام السالفة من عمر المعارضة ومهمات عسكرية وامنية كما ايام الداخلية والوزارات السيادية الاخرى في ذمة التاريخ أو في ذمة من سيأتي بعدنا ويكتب تأريخ المراحل السابقة من تجربة المعارضة والدولة …
الاخ بيان جبر لم يسمح لي ان ابوح ببعض اسرار المهمات الصعبة في هذا الكتاب حتى لا يدخل العمل برأيه في باب الرياء والترويج الشخصي أولا ولأن المرحلة الحالية تستلزم المزيد من الكتمان الشديد ازاء مواقف ومحطات واسرار «كرمال» المصالح الوطنية العليا .. ولان بعض الاسرار اذا ما تم استباحة ملفاتها ستطيح برموز وكيانات وتقرر مصير النظام الحالي عشرين مرة .!
ما اود التركيز عليه في هذه العجالة .. ان هذه الشخصية الاشكالية تخصصت في المهمات السياسية والوطنية الصعبة الكبرى وليس هنالك على الاقل في المجلس الاعلى  شخصية مماثلة قادرة على اداء الدور الذي يؤديه او المهمة التي ينجزها وكأنه أتى «المجلس الاعلى» لكي يرفع عنه كلف تلك المهمات ويزيح عن صدره زبد مواقف ما كان له تجاوزها وعبورها في شارعه وبين اتباعه لولا وجود بيان جبر .
حدث ذلك عام 1993 حين سافر الى الولايات المتحدة الامريكية من سوريا للقاء مسؤولين امريكيين في وقت كان الحوار مع امريكا كالحوار مع الشيطان وكان الرجل منذ ذلك الوقت مهد الطريق السالكة بين المجلس وواشنطن وبين مؤسسات صناعة القرار في الخارجية الامريكية وتنظيم اسلامي شيعي يقيم في ايران والحراسة شديدة والحراس من النوع الذي تستفزه الى النخاع كلمة «امريكا»
تكرر الامر بعد 22 عاما على زيارة الولايات المتحدة الامريكية حين انضم الى جماعة الخمسة + 1 فأصبح الطرف السادس أو الاول في جماعة الخمسة والكيان الاول من بين الجماعات الشيعية الخمسة التي ضمها التحالف الوطني الذي القيت عليه مسؤولية تغيير طابع الحكومة برئيس وزراء اخر بعد مواقف متشددة من قبل المرجعية الدينية ازاء رئيس الحكومة السابقة السيد المالكي فضلا عن مواقف الولايات المتحدة ناهيك عن مواقف الكتل السياسية الاخرى في المكونين السني والكوردي .!
كان رجلا محوريا في اجتماعات الجعفري في مرحلة صعبة كان فيها التحالف الوطني مطالبا بترشيح رئيس وزراء اخر بديل عن المالكي .
لم يتخلف عن اي اجتماع لا بدافع المرض او التمارض كما كان يجري عند البعض بسبب الخشية مما سيحدث من تداعيات في حال الاصرار على ترشيح الرئيس المالكي لولاية ثالثة خصوصا وان الافق كان مفتوحا ومهيئا على المستوى الاقليمي لاستقبال مثل هذا الاحتمال الصعب ..!
لم يتخلف عن اي اجتماع وكان يبعث الطمأنينة في نفوس رفاقه الاخرين وربما كان بحكم كونه مهندسا يهندس الطريقة التي يخرج فيها اجتماع الرجال الستة بمحصلة اعلان رئيس الوزراء الجديد .
وهذا الذي حصل في الحقيقة ..
لقد اشرف بيان جبر على الطريقة الاخراجية لاجتماع التحالف في منزل الجعفري مثلما اشرف على مشهد السيناريو الاخير لحكومة العبادي في منزل رئيس الجمهورية د.فؤاد معصوم.
في اجتماع التحالف اقترح الذهاب الى رئيس الجمهورية فراداً وليس مجموعة في موكب واحد وهذا الذي حدث وفي منزل معصوم اقترح تسريب نص التكليف الرئاسي لمرشح رئاسة الوزراء لوسائل الاعلام الوطنية والعربية كي يكون التسريب ملزما من الناحية الاخلاقية للرئيس وصولاً الى الالزام الدستوري بالتوقيع على مرسوم تكليف العبادي .. وهذا الذي حصل بالفعل ايضا .
بيان جبر..اذا لم يكن صانع عهد في حزبه المجلس الاعلى وفدائي المرحلة حيث كان يقول بأن لكل ثورة مجموعة من الاستشهاديين فهو من صناع العهد الوطني وصناع الحكومة الحالية التي كانت ولادتها عسيرة حتى ظن انها لن تولد وان العراق سيدخل طور الاستحالة في بناء نموذج الدولة العادلة والديمقراطية الناجحة ٍ.
ما قلته من اسرار لا يمثل الا غيضا من فيض ملف طويل عريض من الاسرار سيأتي رجل اخر غيري ويتبنى مهمة النهوض بها لكن من الضروري التاكيد للقارئ ان ما قلته لا يحتمل اي تأويل او تفسير ينطوي على مديح شخصي للرجل فهو لا يحتاج للمديح مثلما لم احتج هذ النمط من الكتابة طيلة حياتي المهنية والسياسية التي تمتد لأكثر من 33 عاما من الان .
ان مقتل اي كتاب الاستغراق بالمديح ومقتل اي كاتب الانسحاق تحت عجلات (التدبيچ) الكاذب . 
اليوم اطل في كتاب اسوار بغداد كي اوثق مرحلة مهمة من مراحل الدولة العراقية ومفصلا مهما من مفاصل انهيار لجدار نوعي في ملفنا الامني اقصد بذلك سقوط الموصل .
في (اسوار بغداد) كنت قريبا من الحدث عبر اقترابي من البيئة التحليلية التي وفرها زوار النائب بيان جبر في مجلسه ببغداد حيث كان الاخ بيان جبر نائبا في مجلس النواب ورئيسا لكتلة المواطن .. مثلما كنت على صله دائبة ببعض الملفات والمقاربات والاسرار الخاصة باليوميات الامنية التي كانت تجري في قيادة عمليات نينوى.
كان الاخ النائب يتحسس الكارثة قبل ان تقع .. ولم يحدث ان مر يوم تسربت فيه اليه معلومة الا ورفع الهاتف على مسؤول امني ليضعه في صورتها وتفصيلاتها الخطيرة او سقطت في هاتفه ربع اشارة الا وكانت بعد دقائق على طاولة وزير امني في الدولة العراقية ..
كان حريصا على وضع الجميع في دائرة النار قبل ان تتحول الى عنوان فيما بعد على صفحته الشخصية في الفيسبوك فالرجل لم يسمعه احد وكانت المعلومات التي تاتيه بشان انهيار الاوضاع في الموصل تنذر بالكارثة وثمة انهيارات متلاحقة ستأتي ..
لم يجد احدا من القادة العسكريين والسياسيين في الحكومة يبالي بالذي يجري في الموصل بل كل الذي وجده توصيفات ساذجة من قبل كبار السياسيين لمقارباته السياسية .
لقد حدث ان منعت مقاربات بيان جبر من المرور في غرف صناعة القرار الامني والعسكري وحدث ان سقطت الموصل بيد داعش كما تم التخطيط لهذا السقوط المدوي عن قصد ودون قصد .
اليوم لم يعد هنالك ما يمنع من تسريب اوراق هذا السقوط المدوي وضرورة اطلاع الامة والشعب العراقي عليها والاهم تذكير الناس بالارقام والوثائق والكتابات والاشارات ان الرجل كان ينبه وكان لديه حس استشراف على ضوء المعلومات والمعطيات ان الموصل ستسقط وان منصات الاعتراض في الانبار ستتحول الى كتائب مسلحة وحرب داعشية في كافة المدن الغربية واحتلال عشرات القرى والبلدات والمطلوب تنفيس لجبهة اعتراض المنصات وليس الذهاب باتجاه تفقيس ازمات مقابلة ….
ماحدث ان التفقيس هو الذي انتصر وفشلت محاولات التنفيس لاسباب غلب عليها طابع المصالح الانتخابية وانفجرت الفقاعة ودخلت داعش .
قال لي قبل ان اشرع في كتابة اسوار بغداد ان خطة اسقاط الموصل بدأت في ساحات الاعتصام لذلك كنت ادرك حجم المؤامرة فطرحت رؤية لها علاقة بتنفيذ المطالب بغية سد ابواب الذرائع وعدم الرغبة في الذهاب الى الحرب لكن الرؤية المقابلة كانت تتوسل لغة الحرب من اجل الاستقطاب الطائفي كون الاستقطاب هو المنفذ الوحيد الذي يطل على البقاء في السلطة بعد ان كشفت السنوات الثمان الماضية غياب الرؤية وانتشار الفساد وعدم وجود ما يؤهل الحكومة بالنهج الذي اعتمدته والطريقة التي سلكتها في تسيير شؤون الناس من البقاء دقيقة واحدة في مبنى القصر الجمهوري .
واضاف ان اعتراضاتنا على فساد الحكومة السابقة وغياب الرؤية في ادارة ملفات البلاد كان ابلغ واقوى واكثر رصانة واعظم حجة من اعتراضات منصات شيوخ الغربية الذين انضم القسم الاعظم منهم في كتائب داعش وتحولوا الى مقاتلين في صفوف التنظيم …
في (اسوار بغداد) اسرار بغدادية وفي قلب الرجل مدار من الملفات الخطيرة والفضاءات المفتوحة على مشهد الوطن المرهون بالمقادير .. !
سيكون هذا الكتاب دليلي الى معرفة السقوط الكبير لهيبة وطن ما كنا لنجرأ يوما على المساس بهيبته ونحن في اشد حالات الانكسار والخيبة .
وسيكون لاجوبة بيان جبر بما تحمله من اسرار تأثير مباشر على قابلية اسوار بغداد في البقاء منيعة امام فساد بعض الأبناء وشر السيوف القادمة من اغماد الغرباء . 

تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم ذكرت ايها الكاتب ان السيد الوزير كان من ضمن مجموعة ال5+1 هل هذه مجموعة كلها من التحالف الوطني؟ وذهبت الى واشنطن الى ماذا؟ هل هنالك تكليف من المرجعية ؟ ارجوا الرد مع جزيل شكري

    ردحذف

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك