نظرة على الشرق الأوسط..

أحداث سوريا، هي نقطة تحول في قواعد السياسة العالمية،
إسرائيل خططت مع إثيوبيا لمحاصرة مصر من خلال سد النهضة.

الوجود الروسي أصبح أمراً واقعاً وغيّر إستراتيجيات بعض الدول الإقليمية.

كانت ولا زالت منطقة الشرق الأوسط هي بؤرة أحداث العالم؛  أو  كما أطلق عليها "ساحة الصراع و النفوذ الدولي"؛ الشرق الأوسط،  وبموقعه الجغرافي المهم وما يملكه من مضايق بحرية، هي الأهم في العالم؛ أصبح نقطة نِزاع بين القوى العالمية، أما إقتصاديًا، فإن مايملكه من موارد وأيدي عامله، يجعله محط أنظار الجميع؛ وهو ماجعل السياسات الإستعمارية تعمل دوماً للسيطرة على هذا الجزء المهم من العالم.

 • نظرة سريعة لما جرى في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية ..




التمدد والإختراق في الشرق والمشرق العربي،  قد يكون هذا العنوان مركباً ومتداخلاً للوهلة الأولى لمن يقرأه؛
ولأن واقع الشرق الأوسط بشكلٍ عام والمشرق العربي بشكل خاص، يشكلان نقاط التحول في منظومة السِلم العالمي، لأهمية المنطقة وحساسية التلاعب بتوازناتها الجيوسياسة،  ولكي أكتب ماأعتقد أنه الحاضر والمستقبل لمجموعة دول تلعب دوراً كبيراً في إختلال التوازن فيه أو إختراقه في بعض الأحيان، إذا لم تتمكن من التمدد فيه، ولكي نحدد نقاط القوة والضعف،  علينا ان نعرف أيضاً من هو اللاعب المؤثر  أو المستفز لغرمائه؟

بلا شك، كانت أحداث سوريا،  هي نقطة تحوّل في قواعد اللعبة في المنطقة من صراع طائفي محدود القوى؛ كما في العراق إلى صراع دولي إقليمي شهدته سوريا عندما نقل الروس المعركة من البلقان إلى المياه الدافئة، وهذا "التحول الجيوسياسي" كان له أثراً مباشراً؛ رغم ماقيل عنه من إتفاق لتقاسم النفوذ بين الدول الكبرى، والذي لحقه توغل إستثماري - إقتصادي صيني في المنطقة، وإستثمار تركي للمتغيرات، مصحوباً بأيدولوجية التمدد للإخوان المسلمين، من خلال البوابة التركية، أو التوغل في بلدان المنطقة، مما أدى إلى إستفزاز الغرب وأمريكا،  قابلهُ عدم قدرة إيران أيضاً على التمدد؛ كما كان مكتوباً بدستورها "الثورة الإسلامية" إلى عودتها إلى التكتيك في الإستراتيجية الإيرانية؛ وهو "من الدفاع عن المستضعفين إلى الدفاع عن حقوق الشيعة" بسبب؛  المواجهة والإنشغال مع الجانب الأمريكي، والذي لازالت بوادر "المد والجزر"  بينهما، مِما مكْن إسرائيل من ان تلعب المرحلة الثانية من مخططها، بعد ان تمكنت في المرحلة الأولى من كسب المعارك ضد العرب، وكسب بعض البلدان العربية، مثل : "معاهدة كامب ديفيد ١٩٧٩  مع مصر السادات وأوسلو مع الفلسطينين عام ١٩٩٣ ومع الأردن عام ١٩٩٤ " فحولت الجمود بين اللا سِلم واللا حرب إلى إنقسام بين العرب؛ ثم المرحلة الثانية وهي : التعامل الإقتصادي والتجاري والتقنيات مع دول عربية، كان موقفها من الأحداث هو ، دفع الحرب خارج حدودها مثل : "السعودية وقطر والإمارات والبحرين والكويت" مع إعتراف سلطنة عمان بعلاقات مع إسرائيل وبشكلٍ مُعلن؛ وهنا لم تكتفي إسرائيل بذلك؛ بل خططت مع إثيوبيا لمحاصرة مصر من خلال سد النهضة وهي ورقة تدمير الزراعة في مصر ولوي الرئة المائية المصرية إذا ما فكرت مصر بمعاداة أو مواجهة إسرائيل مستقبلاً.

  ومن هنا سنحلل لماذا نقلَ الروس المعركة إلى سوريا وسأعتبر ذلك الجزء الأول..

عندما بدأت الأحداث في سوريا  عام ٢٠١٢ منقوله نيرانها مع تونس ومصر، لما يسمى بالربيع العربي، كانت الأحداث متسارعة؛ بل نحو الإنحدار  بما ستصل إليه الأوضاع الأمنية،   هناك بدءا العد التنازلي للحكومة في دمشق، وكانت أغلب الدول داعمة لعملية إسقاط النظام؛ بل تدخلت بشكل مباشر لإسقاطه، ولم تحرك ساكن أي دولة بدعم الحكومة في دمشق سوى "إيران وحزب الله في لبنان" وعندما تمكنت هذه القوى الداعمة من إبقاء النظام واقفاً على قدميه، أعلنت روسيا دعمها للنظام السوري، إذن لماذا الآن ؟

تحليلاً.. ووفق أغلب المعطيات،  ان روسيا لم يعد لها موطىء قدم في مياه المتوسط؛ بعد تفرجها وهي ساكنة وصامتة عما يجري في ليبيا، و على سقوط نظام معمر القذافي، هذا أولاً،  ثانياً كانت روسيا منذ سقوط الإتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات هي في حال دفاع بمواجهة الغرب من جهة،  ودول الإنشقاق عن الإتحاد السوفيتي ومنها أوكرانيا وجورجيا وكثير من دول البلقان من جهة أخرى، وكانت تسبب مشاكل كثيرة وخسائراً  كبيرة على كاهل الدب الروسي، بل شغلته كثيراً  وأشغلته، عن ممارسة دوره في العالم كدولة عظمى، ومنها جاءت فكرة نقل المعركة من حدود روسيا إلى المياه الدافئة على البحر الأبيض المتوسط، مع تنسيق مع الصين بالغزو الإقتصادي والتجاري، وهذا ماجعل "قواعد وستيفاليا" تتهدم فقد أصبحت القوى في مساحة ضيقة، مع بعضها البعض وفض الإشتباك هو الشغل الشاغل؛ فلم تعد حدود روسيا هي الورقة الضاغطة للتقيد أو الإنكماش لروسيا بوتين؛ وأصبح الوجود الروسي امراً واقعاً، وهنا بات واضحاً، تغيير إستراتيجيات بعض الدول الإقليمية في المنطقة، ومنها تركيا، التي سنتحدث عنها في الجزء الثاني، فروسيا ليست شيعية ولاسنية ولا علوية، لكي تنحاز لأي طرف، كما فعلت بعض الدول الإقليمية في المنطقة،  إنما هي مصالح الدول، وهذا الواقع في السياسة، فقد كسبت نقل المعركة، ولم تعد سواحلها نارية وساخنة كما كانت، وهي تتشارك مع الغربيين في مياه المتوسط، وتجاور إسرائيل الحليف الإستراتيجي لأمريكا،  تقاسمت العلاقة مع تركيا الناتو، بسياسة فرض الأمر الواقع، أصبحت لاعباً مؤثراً في توازنات القوى، وهي أحد أهمي مفاتيح الحلول بالمنطقة؛  تزاوجت ثقافتها الشرقية مع الشرق من جديد،  وفتحت آفاق علاقات لم تكن سابقاً مع الدول الخليجية، وباتت الورقة التي تلوّح بها دول المنطقة في مواجهة أمريكا؛  وهناك الكثير مماحصدته روسيا عندما نقلت المعركة من البلقان إلى المشرق.

باقر الزبيدي
٢٣ ايار ٢٠٢٠
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك