أسوار بغداد .. الحلقة السادسة ،، حوار مع باقر الزبيدي
اكدت في 26 اكتوبر 2013 ان ما يجري في الانبار هو عين ما يجري في الحدباء لان المخطط واحد والفاعل والهدف واحد(1) ..ماالذي يدفع الى الربط ان ما يجري في هاتين المدينتين فاعلهما واحد؟..
• ان متابعة دقيقة لحركة داعش وهي الجيل الثالث للقاعدة وتأسيس نواة الدولة وعاصمتها الرقة السورية ونظرية البغدادي (البدري السامرائي) التي تقوم على ان تكون الرقة عاصمة الدولة بإعتبار هذه الدولة امتداد الدولة العباسية التي كان مقرها الدائم في بغداد وعاصمتها الصيفية هي الرقة.. كان يحتم على المتابع  وانا منهم  ان يذهب بإتجاه ان الهدف القادم هو العراق .
وحسب المعلومات المؤكدة لدينا ان العراق سيكون المعبر وليس المستقر والهدف هو الكويت والسعودية ودول الخليج الاخرى فمتى ما انشبت داعش اضفارها في الانبار ستبدأ بالتحرك اتجاه دول الخليج لان داعش لم تنجح في تطويع الالاف من العراقيين والسوريين انما استنجدت باتباعها في دول العالم الاخرى وبسيطرتها على السعودية ستضمن المال والرجال وهذا ما سيتيح لها التمدد في كل دول العالم لكي تكتمل الصورة التي خطط وعمل عليها الجيل الرابع للقاعدة التي ستعود لتؤمن بعالمية واممية الدولة الاسلامية.
من هنا بدأت منذ عام 2011 وانا على مقعد مجلس النواب بدق ناقوس الخطر للتهيؤ لمواجهة هذا الخطر القادم حتماً واعلنتها عبر فضائية العراقية ان القتال سيكون على اسوار بغداد توكيداً وتنبيهاً صادقاً ان المخطط لايستهدف سوريا وحسب انما سينتقل من العاصمة الصيفية في الرقة الى العاصمة العباسية في بغداد لينطلق منها نحو النفط وقواعده الوهابية في السعودية وقطر .
كأنك تعرفُ ملف البغدادي- هل صادفك هذا الملف ايام كنت وزيراً لداخلية العراق؟..
• نعم.. ان ابراهيم البدري السامرائي هو من مدينة سامراء وكان احد اهدافنا في الحملة على الارهاب في وزارة الداخلية 2005 وسبق وان نجحنا في إلقاء القبض عليه بجهد الشرطة الاتحادية وجهد شخصي لقائد الشرطة الاتحادية آنذاك اللواء عدنان ثابت السامرائي وصُدِمت حين عرفت ان القوات الامريكية اقتحمت سجن الاتحادية واقتادته الى سجن بوكا وبقى هناك حتى قبل خروج القوات الامريكية من العراق بعد الاتفاقية الاطارية عام 2011 مثلما القينا القبض على العميل المزدوج فادي اللحديوقامت القوات الامريكية بالهجوم على ملجأ الجادرية واطلقت سراحه بذات الاسلوب!.. 
من هنا عندما علمت بإطلاق سراح السامرائي البغدادي وانا وزير للداخلية بدأت اتقصى اخباره وانا الخبير به وبخطورة مشروعه.. وخلال الفترة الواقعة بين وجودي في وزارة المالية وذهابي الى مجلس النواب تَكّونت لدي معطيات ميدانيةلذا بدأت احذر في السّر والعلن لكنني اكتشفت ان تحذيري لم يكن يلقى آذاناً صاغية أو عقولاً تعي ما أقول بل وجدت ذهنيات باغية تطمس الحقيقة وتغطي على الفشل بالخطابات النارية والتلفزيونية الرنانة ...
ـــــــــــــــــــــ
(1)  
بل ان البعض من كبار المسؤولين بداوا يسخرون من هذه المعطيات لكنني بقيت في موقعي المعترض على هذا النهج الذي لا يبالي بالمعلومة ولايتقصى اخبار الخصوم الذين يتربصون بنا الدوائر والوطن ذاهب بإتجاه دائرة النار.
لجأت الى الاعلام بكل عناوينه التلفزيونية والمقروءة والمسموعة والمرئية ولم اترك فرصة إلا واستثمرتها بإطلاق التحذيرات علّهم يسمعون ويعون خطورة المرحلة القادمة...
ماذا تقصد بالجيل الثالث من القاعدة وهل ان داعش هي التعبير الاكبر لهذا الجيل خصوصاً وانك نوهت عن جيل رابع في احدى مقابلاتك التلفزيونية واكدت ذلك في صفحتك الشخصية على الفيس بوك؟.
• القاعدة التي تشكلت بدعم سعودي امريكي في الثمانينات بافغانستان لمواجهة        الروس بُنيت اساساً على التشدد الفكري ضمن اعتقادات الطريقة الوهابية وتطوير الفكر القطبي "نسبة الى سيد قطبً" في اطار ما اطلقت عليه القاعدة بالفكر الجهادي واخطر ما في الامر ان هذا الاتجاه الذي بدأ بالتكفير والهجرة في كتابات سيد قطبٌ (معالم في الطريق) واعمق منه الطريقة السرورية بداية الستينات من القرن الغائب.. فكانت نواته التكفير والهجرة ولإول مرة في تاريخ الحركات التكفيرية يتم تكفير المسلم ضمن اطاره الاسلامي في حين كانت الحركات التكفيرية السابقة تكفر الديانات الاخرى.
ان الجيل الثاني في القاعدة كان جبهة النُصرة التي ازدهرت على هامش الاحداث السورية وقد استمرت الاستخبارات السعودية والقطرية والتركية بدعمها في سوريا حتى هذه اللحظة..النصرة تميزت في عمق تفكيرها الفقهي عن القاعدة انها تستهدف المرأة الحامل وقتل جنينها بينما الجيل الاول للقاعدة ومن قبلها التكفير والهجرة وحتى الحركات الاسلامية العراقية المتطرفة كانت بعيدة عن هذه التوجهات والممارسات.
لقد لمست عملياً هذه التوجهات التكفيرية وتكّونت لدي صورة ورؤية واضحة ازاء هذا النمط من الحركات الفقهية المتطرفة ايام وجودي في وزارة الداخلية والاهم اختطاف شقيقتي من قبل واحدة من الحركات المتطرفة هذه!.
اخبرتني شقيقتي انهم كانوا يسألونها في وجبات تحقيق يومية متواصلة للتأكد ما اذا كانت حاملاً وحين ادركت غايتهم الفقهية بإعتبارها انسانة متدينة ومثقفة وواحدة من تلميذات العلوية بنت الهدى قالت لهم نعم انها حامل فرفعوا السيف عن عنقها..!
وبالعودة الى داعش اقول انها امتداد لجوهر فكرة التكفير والهجرة.. وقد اختلفت داعش مع النصرة والقاعدة في فرض مشروعها القائم على قيام " دولة العراق والشام" دون استشارة التنظيم العام وتحول الخلاف فيما تحول قتالاً دموياً بين النصرة وداعش في سوريا وبين داعش والقاعدة في ديالى وحمرين اما الجيل الرابع من القاعدة اتوقع في اطار المعلومات والمعطيات التي لدي انه سيكون في الصفحة الثانية بعد التخلص من القيادات الداعشية الحالية وعلى رأسها البغدادي واتوقع ان يكون امثال استاذ الفيزياء اللقيط الذي وجد في باب مسجد بتلعفر في منطقة السراي مصطفى العفري النواة الاولى لرجال الجيل الرابع حيث يقوم نهجهم على استبدال فكرة الدولة في العراق والشام بالعودة الى الاصل عبر الدعوة لعالمية الدولة ورفض القيادات التقليدية للقاعدة وجبهة النصرة وسنشهد تطورات دراماتيكية في داعش تتحول الى غُول يضرب كل مناطق العالم الاسلامي واوربا وامريكا.
وقد بدا هذا المشروع والنهج الاممي يطرق اسوار اوربا وامريكا ولن تفلح الجهود المتأخرة للمجتمع الدولي والاقليمي الذي ساهم بتأسيس ودعم داعش من إيقاف طرق داعش لأبوابها وان تألفت عشرات التحالفات الدولية والاقليمية .
من خلال معرفتك بالحركات الجهادية المتطرفة ما هي الأسُس الفكرية والثقافية التي تعتمدها تلك الحركات في تطوير نفسها؟.

• إن أهم تلك الأسُس في إعتقادي عبر المعطيات المتوافرة لدي هي أن تجد داعش في الطرف المقابل سواءاً كان شيعياً ام سنياً ام ازيدياً ام مسيحياً ام كردياً التشدد والتطرف والطائفية والإعلام المنفلت الذي يغذي مسالك  التطرف عند الطرفين..
خلال السنوات الماضية من عمر صراعنا مع داعش والقاعدة كنت اراقب المشهد الطائفي جيداً وكنت اتألم ايما ألم عندما ارى سياسياً او نائباً في البرلمان يتحدث بنهج طائفي شبيه بطائفية الزرقاوي وداعش وجبهة النصرة.
وأقولها واضحة الان في كتابك وسجلّها عني... ان عدداً من النواب والسياسيين الشيعة تحولوا الى وقود لتسعير الشحن الطائفي الذي تعيش فيه وعليه داعش وتتطور وتكثر حاضناتها السنية في الساحة العراقية .
ان هؤلاء النواب حصلوا على اصوات شيعية كبيرة لكنهم نسوا ان التقسيم الطائفي هو المسؤول عن تطوير وتوسيع داعش وحاضناتها وتوسيع رقعة القتل والتفجير واستهداف ابناء الوطن عموماً.

قلت ان الحكومة لو كانت نجحت في وأد الفتنة الارهابية واستوعبت خلايا الدم وطهرت ساحات الاعتصام التي استخدمتها القاعدة خزاناً خلفياً للمقاتلين عبر الاستجابة للمطالب المشروعة لكنا وفرنا على انفسنا وعلى شعبنا وقواتنا المسلحة جهداً اضافياً كلفنا وسيكلفنا الكثير...هل كنت تعتقد ان الحكومة لم تبذل الجهد الكافي للتعاطي مع ازمة منصات الغربية ووديان الرافدين؟.

• كانت الحكومة حينها منشغلة بالمصالح الإنتخابية وكانت تصف هذه التجمعات بتوصيفات غير لائقة ولم تنتبه الى عمق المشروع الذي كان يتشكل سفاحاً تحت المنصات حيث راح ضحية هذا السفاح الأزيديون والشيعة والسنة والكورد و التركمان والشبك والمسيحيون وعشرات الآلاف من الاراضي ومئات الجنود وسبايكرات شيعية يندى لها الجبين.

وهنا اتسائل...
من يتحمل مسؤولية هذا الدم الذي أُرهق على وديان الرافدين وعشرات المليارات التي أُهدرت بلا معنى في الحروب العبثية بعد إن كلفنا الدكتاتور في حروبه البعثية والعبثية مئات المليارات؟..
أين الحكمة والإتزان في طريقة معالجة أزمة تفجرت فجأة ودون سابق إنذار لكنها كانت تحت الرماد في إطار مطالب كان يمكن تحقيق المتيسر منها والممكن والذي يتطابق مع الدستور والقوانين المرعية في البلد؟.
الذي حصل .. إننا لم نعمل على نظرية سحب الذرائع من تحت اقدام المسلحين وأصحاب مشروع تمزيق العراق وأخذنا بناصية الكلام المتطرف الذي يستهوي السذج ويجند الخدج من شباب كانوا جاهزين للتطوع في أي مشروع متطرف بعد إن نالت الحكومة منهم بعبارات قاسية!..

قلت في البيان الذي اصدرته في 1/1/2013 وفي باكورة التظاهرات والإعتصامات التي عمت بعض مناطق الغربية (2) ( نحذر من موقعنا الوطني إستمرار الدعوة لإسقاط العملية السياسية... كان لسياسات التهرب من تنفيذ إتفاقات اربيل التي تشكلت على أساسها حكومة الشراكة الوطنية 2010- 2014
(دور في اذكاء روح التمرد على هيبة الدولة ومنها عدم حسم الوزارات الامنية (الداخلية والدفاع والامن الوطني والمخابرات) ونعتقد إن بقاء هذه الملفاتدون حسم سيعمق الازمة السياسية في العراق).
واكدتُ في البيان ايضاً (إدانة الشعارات الطائفية وإستخدام القوة المسلحة في تفريق المتظاهرين ودعوة عشائرنا العربية إلى ضبط ايقاع التظاهرات وعقلنة الهتاف السياسي والبراءة من الشعارات الطائفية).
أن الحكومة إستخفت بالمطالب وحجم التظاهرات وإستهانت عبر رؤية تلفزيونية لأكثر من مسؤول كبير في الدولة بمشروع التطرف الذي كان يتخفى وراء صور السجينات وحتى خلف عمائم منوقفوا فوق المنصات.
المؤلم في الأمر إن العامة من أبناء شعبنا لم تدرك خطورة ما كان يجري وذهبوا خلف الشعارات الطائفية الرنانة التي لم تقتل ذبابة وهو ما كان داعش تسعى إلى الترويج لبضاعتهِ .. فوجدوا في بعض السياسيين من يؤدي تلك المهمة دون ثمن!

وثيقة (1) ... 26 اكتوبر الزبيدي/ عن صفحة الفيس بوك

(2)  بيان رئيس كتلة المواطن حول تظاهرات المناطق الغربية



تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك