لبيان جبر الاحترام والتقدير لا التعنيف والتشهير

احمد سالم

عرفت بانحيازي الكبير لصالح القضايا الكبرى مثلما عرفت بقدرتي الصحفية على الانسجام مع قواعد نظرية الازاحة التي تؤمن بكفاءة الرجال في مواجهة التحديات الكبرى وازاحة غيرهم ممن اثبتت التحولات الاجتماعية والسياسية في البلاد انهيارهم على اعتاب هيئة النزاهة!.
كنت في زمن المعارضة العراقية مفطوما على التحدي ومواجهة النظام في مجمل ما كتبته وانا في منافي دمشق وطهران وبيروت غير ابه برصاص الاغتيال وتهديدات السفارة العراقية التي كان يقيم رجال المخابرات فيها في منطقة الحازمية شرقي بيروت!.
وطيلة سنوات عجاف عشت على خطوط النار وعاش قلمي على حبال الاستواء ومرة سمعت احد رؤساء تحرير الصحف اللبنانية وهو يتحدث لي عبر الهاتف ان علي التريث كثيرا حين الج "سم الخياط" عبر التاكيد على نظرية الصراع التاريخية بين الشعب العراقي والدكتاتورية الصدامية في بغداد فالمخابرات على الروشة وفي الضاحية الجنوبية وفي عين مريسه وقرب المربع الامني التابع لقيادة الحزب وربما وصل بعض رجال المخابرات العراقية الى مطعم "ام نور" في الضاحية الجنوبية وتناولوا الاكلات العراقية المشهورة اكثر مما تناول جواد المالكي (نوري المالكي) ورضا جواد تقي والشيخ مفتح والدكتور فاضل الانصاري واصدقائنا في القوى الوطنية واخرون كانوا يتردون على العاصمة اللبنانية من دمشق عاصمة الرئيس الاسد وليس عاصمة الامويين حيث يعجب هذا المصطلح اعاربة المشروع القومي ممن يكن حقدا تاريخيا على امام القومية العربية حافظ الاسد!.
عرفت ايضا انني كاتب تعرضي لايمنعني احد من توجيه سهام النقد اللاذعة لبعض رموز المعارضة العراقية انذاك ومناهجها في التحرك واساليبها في المواجهة وطريقتها في المعارضة وقناعتها بالمشاريع والتحالفات المشتركة وفي هذا السبيل عانينا كثيرا من قادة المعارضة العراقية ابناء ائتلاف القانون والفتح اليوم حيث جرت العادة الا يكون لهذه المعارضة لغة مشتركة وتحالف واضح وحرص شديد على الاستمرار في مواجهة النظام بوحدة السلاح والموقف والظهور للعالم جبهة سياسية فاعلة تستطيع اقناع الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا وايران وسوريا القدرة على تمثيل الشعب العراقي وعنوانا وحيدا لنضاله الوطني.
هذا ما كنت عليه.. ولم اتخذ طريقا اخرى في المواجهة والتثقيف والعمل الاعلامي الذي توسع في الفترة التي سبقت سقوط النظام في 2003 في كل من دمشق وبيروت عبر استقراري في صحيفة "نداء الرافدين" التي كان يراس تحريرها ممثل المجلس الاعلى في سوريا ولبنان المهندس باقر جبر الزبيدي.
لقد وجدت نفسي ذات الكاتب التعرضي حين كنت امارس الكتابة التعرضية في الصحف اللبنانية فلم يهمس الزبيدي باذني يوما ان اتحاشى فلان او النيل من فلان في الحديث عن المعارضة العراقية وسبل الوحدة وافاق التصدي ومواجهة التحديات وقد مثلت صحيفة نداء الرافدين العنوان والنافذة والصحيفة الاولى التي كنا ننطلق من خلالها في العاصمة السورية لمواجهة نظام بغداد الذي كان يتوعدنا بالويل والثبور وعظائم الامور على الحدود المشتركة ومرة ارسل لنا خلية من المخابرات العراقية هدفها رصد نشاط المعارضة ومتابعة نشاط ممثل المجلس الاعلى وتمكن من زرع عنصر كان منتسبا في الجريدة وظيفته متابعة نشاط المكتب وممثل المجلس ونشاط قوى المعارضة العراقية العربية والكردية الديمقراطية والقومية في العاصمة السورية دمشق ولم نكتشف علاقة هذا المنتسب بخلية المخابرات العراقية الا بعد سقوط النظام .. وشخصيا تالمت كثيرا حين عرفت ان هذا الشخص كان من اقرب اصدقائي !.
ما اعرفه عن بيان جبر ان مستحقات الموظفين والكتاب كانت تدفع بداية كل شهر سواءا وصلت المستحقات من المكتب الرئيسي ام لم تصل حيث كان المجلس الاعلى ومقره في طهران يوصل مستحقات مكاتب الخارج.. لم يكن يرغب في تاخير راتب اي كاتب وكان منفتحا على كل مشارب الطيف الاعلامي العراقي الشيوعي والبعثي والاسلامي والقومي العربي والكوردي..
وحين سقط النظام وتولى جبر وزارة الاسكان والاعمار اشتغل بميزانية صفرية على مشاريع استراتيجية في كافة المحافظات العراقية ولازالت مشاهد بعض انجازاته شاخصة للتاكيد ان الرجل اشتغل وزيرا للاسكان باختصاصه اولا وبمعايير اخلاقية ووطنية وانحياز لاهداف وتطلعات شعبه بذات الروحية والكفاءة والهمة حين كان ممثلا لحزبه السياسي في دمشق.
حين اصبح وزيرا للداخلية اراد الامريكيون الايقاع به عبر تسليمه مبلغ 300مليون دولار وقالوا له لك مطلق الحرية في التصرف بهذا المبلغ وهي طريقة امريكية لاسقاط اي شخصية سياسية يحاولون النيل منها لاهداف استراتيجية بعيدة المدى ولانه يمتلك حسا امنيا واضحا اودع المبلغ لحساب وزارة الداخلية ولان الامريكيين يعرفونه من ايام المعارضة العراقية اهدوه 12 مفخخة انفجرت في بغداد في اول يوم بعد ادائه اليمين الدستورية وزيرا للداخلية وربما حقق جبر في الوثائق الامريكية وليس العراقية انجازا ميدانيا على الارض مالم يحققه من سبقه الى هذا المنصب واقصد بذلك فلح النقيب وسمير الصميدعي اللذين اباحا بغداد للمجموعات الارهابية لاهداف تصب في صالح التسنن السياسي في مواجهة التشيع الوطني.
حين اصبح وزيرا للمالية كان يرسل كل شهر على ضياء الخيون "مستشار مالي" ليقول له ماذا بقي من راتبي الشهري فيجيبه الخيون الف دولار فقط من اصل الراتب الشهري الذي كان يقبضه كوزير للمالية .. لقد كان الزبيدي يوزع راتبه الشهري من ايام وزارة الاسكان مرورا بوزارة الداخلية الى وزارة المالية ووزارة النقل على قائمة طويلة من الفقراء والمحرومين والمحتاجين في بغداد والمحافظات الاخرى "وقد كنت شاهدا على بعض هذه المنح المالية للفقراء" ومرة ذهب من مكتبه في وزارة النقل الى بيت الجندي العراقي الذي شنقته داعش على جسر في الانبار "العذاري كما اظن"  وسلم والد الشهيد راتبه الشهري (قراية فاتحة) قائلا لوالده هذا مااملكه راتبي الشهري الذي اتقاضاه وزيرا للنقل .
في كل الوزارات التي تسلمها كان يحتكم للضوابط والقوانين والالتزامات الادارية ولم يحتكم يوما لارادة المجلس الاعلى او هواتف قيادته وربما سبب له هذا المنهج الكثير من المشاكل وربما كان الوزير الوحيد الذي يوقع على بريده اليومي (موافق حسب الضوابط)وهي كناية ادارية لاحالة اي شان من بريد وشؤون الوزارة الى الضوابط والمعايير .
ايها السادة..
قبل ان تتهموا بيان جبر بما ليس فيه عبر الافتراءات التي ظهرت يوم امس دققوا بــ7000 حوالة وصلت فقط في يوم واحد الى جهات مختلفة ومنصات متنوعة من اعتصامات بغداد والمحافظات.. هذا اذا اردتم العمل فعلا على النزاهة والتحرك على عنوان من اين لك هذا!.
لن اتحدث هذه المرة عن ثراء اسرته وعن والده تاجر الاقمشة الشهير فكم من سياسي من اسرة ثرية لكنه فاسد وفاجر ومضارب ماهر باموال الشعب العراقي انما اتحدث عن رجل تقوده المعايير الوطنية وعقديته الروحية في العلاقة بالوظيفة الرسمية والتكليف الوطني والمهمات الحكومية وقد اجاد في كل الوزارات التي تسلمها ولم تظهر عليه شائبة او شبهة فساد.. وكيف يظهر الفساد في رجل مثل العنوان والقدوة في حماية المال العام وتطويق الفساد وتحرير المال العراقي من ثلاثة عشر الف دائن دولي والغاء مئات المليارات في رحلة اطفاء الديون الشهيرة يوم كان "اكبر مكدي للشعب العراقي" على حد توصيف رئيس الجمهورية الاسبق المرحوم جلال الطالباني.
رغم انني كنت متاكدا ان خبر الحكم على بيان جبر 5 سنوات سجن كان خبرا كاذبا لكنني متاكد ايضا ان الدعاية البعثية السوداء وسلوكية الوهابية القذرة ومخنثي المال العربي هنا وهناك في الشارع ستتحرك على رجال النزاهة العراقية لكي لا يبقى في العراق نزيه واحد في غمرة الاعتراض الشعبي الشديد على الفساد ومعاقبة كبار الفاسدين .. بيان جبر لايستحق بعد نضال ثلاثين عاما الا الاحترام والتقدير لا التعنيف والتشهير .
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك