سيرة صورة .. شريك المصير وخصيم الفساد.

 


سيرة صورة .. شريك المصير وخصيم الفساد.


تتكأ العلاقة "الاستراتيجية" بفقيد الحركة الوطنية احمد الجلبي على تاريخ عميق من العمل المشترك يعود الى بداية التسعينات يوم زارني قادما من مقر اقامته في لندن ليتحدث لي عن رغبته الكبيرة واصرار فريد لتأسيس شراكة سياسية وطنية وطيدة وتحالف ستراتيجي رصين مع شهيد المحراب والمجلس الاعلى باعتباره القاعدة الاوسع والعنوان الابرز للحركة الاسلامية العراقية والسيد الحكيم هو الوجه الاوضح والاصدق والاكثر اتساعا في المستوى النضالي للمعارضة العراقية.


 كنت ادرك ان تأسيس مثل هذه الشراكة سيؤدي الى نقلة نوعية في مسيرة العمل الوطني ضد الدكتاتورية فالجلبي بعلاقاته الوطنية والدولية المهمة والمجلس الاعلى وعلاقاته الوطنية وذراعه العسكرية وامتداداته في الداخل والسيد الحكيم وجذور المسيرة والاسرة والمرجعية وزعامة الحالة الاسلامية سيشكل شراكة تحتاجها الساحة العراقية ومفردات العمل الوطني مثلما يحتاجها محور التحالفات الوطنية وعلاقاته الدولية.


 كان قرار تكريس هذه الشراكة وايجاد الارضيات الرصينة يتم عبر تفاهم مجلسي جلبي يقوم على استثمار ما لدى الطرفين من امكانيات سياسية ودولية وعسكرية واقليمية وعربية لتوسيع دائرة مناهضة الدكتاتورية خصوصا بعد الانتفاضة الشعبانية وما شهدته الساحة العراقية من فتور وجمود بسبب قمع السلطة وعودة النظام عبر بوابة مشروع التأهيل!.


عام 1991 وصل السيد الحكيم "رض" الى دمشق حاملا مشروع النقاط الخمس وعقد اجتماعات مكثفة مع الاطراف الوطنية والاسلامية والتقى القيادة السورية وحل ضيفا على الرئيس الاسد في قصر الروضة الرئاسي.


في هذه الفترة حانت الفرصة التاريخية للقاء الجلبي والسيد الحكيم فطلب الجلبي مني ترتيب اجتماع خاص بالسيد وقد قدم لي عشيتها شرحا مفصلا لمشروع تحرير العراق وكان في مرحلة الاعداد وقد اكد الجلبي في حواري المشترك معه ان المجلس الاعلى ولكي يعبر الاطر المحلية والاقليمية والدولية ويتحول الى خيار ستراتيجي دولي لأسقاط النظام عليه ان يطرح رؤاه عبر النقاط التالية:

• تكريس الديمقراطية والحديث عنها والتماهي مع مفهومها. 

• ان الاسلام وحركته السياسية التي يتزعمها السيد الحكيم لا تعارض الديمقراطية في منحاها المصطلحي ولا تتناقض مع معناها السياسي الشعبي والبرلماني.


حملت "نقاط" الجلبي الى السيد الحكيم واجتمعت معه وابلغته بفحواها وبقيت اناقش معه امكانيات التماهي مع رؤية الجلبي في قصر الروضة الى ساعات متأخرة من الليل.


في اليوم الثاني جرى اتفاق الحديث عن الحكم الديمقراطي كممارسة في ادارة شؤون الدولة والبرلمان فأجلست الفقيد في المؤتمر الصحفي على يسار السيد الشهيد وجلست الى يمينه وهي عادتي في المؤتمرات والندوات واللقاءات السياسية السورية والعربية.


يعتبر المرحوم احمد الجلبي من بناة الدولة العراقية الحديثة التي قامت على الدولة الحضارية والقيم السياسية العليا وحقوق الانسان والعدالة والمساواة والسيادة الرصينة وحماية الخصوصية العراقية من الاختراق والتذويب قبل وفاته "رحمه الله" شن هجوما لاذعا على حيتان الفساد وحذر المسيرة السياسية والقوى الوطنية من موجة افلاس حقيقية تتعرض لها الدولة وانهيار للتجربة ودعا الى ثورة شاملة تطيح بحيتان الفساد.


حلم الجلبي لم يتحقق حيث عاجله الموت في ليلة بغدادية تركت سرّ موته محل جدل سياسي لم ينته للان وسيبقى لغزا محيرا وشبحا يطارد خصومه الفاسدين !.


م. باقر جبر الزبيدي

   ١٧ نيسان ٢٠٢٢

تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك