أسوار بغداد .. الحلقة ١٦ ،، حوار مع باقر الزبيدي

الحلقة 16 
– دعني اكشف لك بعض المخاوف..
قوات حماية الشعب الكردي (الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري) المدعومة امريكياً بدأت تظهر بشكل لافت في المعارك مع داعش .
وكانت واشنطن تريد ان تقدمهُ حزباً للامة الكردية مقابل احزاب الامة العربية ودولها…
السؤال.. هل الاتحاد الديمقراطي الكردستاني السوري جزء من طبخة سايكس بيكو الامريكية الجديدة ومشروع البلقنة القادم؟.
• ان الوضع الكردي بشكل عام يحظى بإهتمام امريكي وفرنسي وبريطاني استثنائي لكن تجربة اقليم كردستان لم ترق الى المستوى الذي تتمناه هذه الدول الثلاث في اطار ما يقدم للتجربة الكردية.
 ولذلك اي موقف موحد لاحزاب اقليم كردستان تطبيق فعلي للديمقراطية سيمنحهم دعماً اكبر واي تلكؤ وانقسام  كما هو حاصل الان بين الاحزاب العراقية الكردية الاربعة .
سينعكس سلباً على التجربة الكردية الفتية للامة الكردية في حين ان اكراد سوريا الذين عانوا الأمرين من انظمة قومية عربية تعاقبت على الحكم في دمشق تعرضوا الى الحرمان والاضطهاد ومن ابسط الحقوق المدنية وهي الجنسية.. وحدث حين كنتُ في سوريا ما بين عامي 1982- 2003 ان زعيماً في الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري بقيادة صالح مسلم اسرني فصعقت من سره .
حين همس ان الكرد يحملون جنسية سورية مكتوب عليها تحت اسم المواطن السوري الكردي عبارة « عربي سوري».
 في أقوى قرارٍ سياسي لمصادرة الهوية الكردية القومية لاكراد سوريا».
وحدثني ان حوالي نصف مليون كردي في مناطق القامشلي حُرموا من الجنسية السورية لاسباب تتصل بالممانعة القومية !.
وبالعودة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني السوري وتقييم الحالة العسكرية لهذا الحزب .
يمكن القول انه الحزب الكردي الاقوى عسكرياً من القوى العسكرية الكردية كافة في المثلث السوري العراقي التركي .
واتوقع ان الاكراد الاتراك واكراد سوريا سيكونون في مقدمة طلائع انشاء الدولة الكردية الموعودة .
– هل تعتقد ان داعش منخرطة امريكياً في مشروع البلقنة؟.
• حالياً داعش يتم استخدامها مخلباً لتمزيق حدود الدول العربية والاسلامية في حين تضرب في الكويت والسعودية واليمن ومصر وتونس وفرنسا وعمليات قادمة في قلب اوربا وكذا في اندونيسيا وماليزيا .
وستنقضي الحاجة اليها في غضون السنتين القادمتين ليبدأ مشروع البلقنة بأخذ شكلهُ النهائي.
– هنالك مظاهر عسكرة لمجتمع مدني عراقي بعيد عن العسكرة من الاساس .
مثل وجود وظهور كتائب تحت مسميات الحشد الشعبي بدأت تفرض وجودها على مؤسسات الدولة في عدد من المحافظات الجنوبية وبعض مناطق بغداد كيف تقيم هذه الحالة؟.
• عشتُ اواخر الخمسينات وتحديداً نهاية 1958 تجربة المقاومة الشعبية التي كانت تتحرك في فضاء الشيوعيين وبعد انقلاب البعث في شباط 1963 عشنا تجربة الحرس القومي وبعد انقلاب البكر – صدام عام 1968 تشكل الجيش الشعبي.
ان هذه التجارب اساءت كثيراً للاحزاب التي خرجت من رحمها وحظيت بدعمها وشرعيتها بعدّ ان السلوك والتصرف والاداء كان مسيئاً ولم يكن على صلة بالدولة ولا بالنظام العام  والقوانين المرعية واتذكر جيداً عام 1963 ان رجلاً يدعى قاسم وكان من الحرس القومي يحمل مدفعاً رشاشاً والشرر يتطاير من عينيه مّر علينا وكنا مجموعة من الشباب في محلة بستان الشيخ حسين في الكاظمية وسألنا عن شخص كنا نجهل اسمه وبعد ساعتين سمعنا اطلاق نار قرب كازينو المثلثة المقابلة لمتنزه 14 تموز فتوجهنا الى المكان المقصود واذا بالشاب الذي سأل عنه صاحب الرشاش البعثي قد قُتِل !.
وبعدها بدأت اخبار تلك الجريمة تتفاقم حتى عرفنا ان ذلك الشاب المغدور كان على خلاف شخصي مع حامل الرشاش !. ثم اسدل الستار من اجهزة الامن المتواطئة على تلك الجريمة حيث مرت بدون عقاب!.
اما تجربة المقاومة الشعبية فقد حصلت فيها ممارسات قتل لا انسانية والسَحلِ في الشوارع تحت شعار (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة)من هنا جاءت حنكة وحكمة الامام الحكيم حين اطلق فتواه الشهيرة ( الشيوعية كفر والحاد) وكانت حكمة الامام الحكيم ان الفتوى لم تستهدف الشيوعيين بعدّهم مواطنين عراقيين رغم اساءتهم البالغة بحق المرجعية الدينية في النجف الاشرف بل استهدفت الفكر والمشروع والمبدأ وهو الشيوعية.
وما حصل في الموصل وكركوك بعد ان انطلق (قطار السلام في اذار 1959) من قتل وسحل واعتداءِ على الاعراض والممتلكات وكذلك ما حدث في كركوك في 14 تموز 1959 بدأ العّد العكسي لنظام الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم الذي شعر بخطورة المقاومة الشعبية فأطلق يد الجيش العراقي واجهزة الامن ووضعْ حدا نهائيا لهذه المليشيا المنفلتة لكن هذا الاجراء جاء متأخراً.
اما الحرس القومي فكان يبتز الناس ويأخذ الخاوات والاتاوات كما عملت القاعدة وداعش بأخذ الاتاوات والخاوات من التجار واصحاب المحلات في الموصل .. والقوم ابناء القوم .
وهنا لابد ان نقف لنحيي امام الحشود السيد السيستاني الذي التفت الى خطورة هذه الظواهر.
 التي عاشها شخصياً منذ نهاية الخمسينات والستينات والسبعينات حين اطلق فتواه الشهيرة (الجهاد الكفائي) اكد منذ البداية ان الحشد الشعبي يجب ان يكون تحت امرة القائد العام للقوات المسلحة خوفاً على الحشد من التوظيف السياسي وركوب البعض موجة الفتوى العارمة للافادة الشخصية والحزبية وتشكيل مجموعات منغلقة تخترق الحشد الشعبي وتوظفه لمصالحها الذاتية وبالتالي تسيء للفتوى وصاحبها . 
– لقد استعرضت نماذج حية من تاريخ العراق الحديث.. كيف تقيم تجربة الحشد الشعبي الحالية ؟.
• حرصاً مني على تجربة الحشد وتنزيهاً له والتزاما بالفتوى لابد من التحذير.
 لكي لانقع في المحذور الشرعي والوطني ولكي نستفيد من تجارب الانظمة التي سبقتنا لذلك .
فإن حزب البعث عندما عاد للسلطة في 17 تموز 1968 حاول ان يستفيد من فشل تجربة ( الحرس القومي ) سيئة الصيت وذلك بربط القيادة العامة للجيش الشعبي بقيادة الحزب والدولة مباشرة.
 ولذلك لم تسجل عليه ممارسات سلبية واضحة في الشارع العراقي .
ان قراءة التاريخ والافادة من تجارب الاخرين وسقطاتهم من دون شك سينعكس ايجاباً على التجربة التي نعيشها اليوم.
ان الامة الحيّة هي التي تقرأ تاريخها وتستفيد من التجارب الماضية لتعيش حاضراً خالياً من تلك العثرات .
نحن اليوم نعيش اخطر واشرس مرحلة في تاريخ العراق الحديث ، اذ نحن محاطون بالاعداء والخصوم والخناجر والمؤامرات التي تستهدف التجربة الديمقراطية في بلادنا ومكسب وجود نظام وطني في العراق.
– كيف تقيم مستقبل الحشد الشعبي على ضوء تجربته في جبهات القتال رغم ان الحشد تشكل بفتوى الامام السيستاني؟.
• انها تجربة رائدة ومميزة ترتكز على قيادة تاريخية منذ ولادتها هي فتوى الامام السيستاني وقوامها كهول وشباب بعمر الورود يحملون حب الوطن والالتزام بمعايير الدفاع عن سيادته الوطنية .
والذود عن حماه في لحظة كاد فيها البلد يسقط في حضن داعش.
ادعو ابناء الحشد الشعبي الى كتابة قصص البطولة والفداء والتضحية وتسجيلها وتأرختها .
 لتكون جزءاً من ملحمة وطنية كبرى في التضحية والفداء .
وعنوانها الابرز فهنالك بطولات فردية وجماعية لا مجال لذكرها هنا لكنها عبرت عن بسالة منقطعة النظير.


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك