هجرتي ( الحلقة 10 ) .. باقر الزبيدي
وصلت طهران اوائل نوفمبر/تشرين ثاني من نفس العام فوجدت اعضاءا في المجلس غير موافقين على الزيارة
لانها ستضر بالثوابت الاساسية للتيار الاسلامي في حينه كما عدت الزيارة في عرفهم واجوائهم زيارة الى (الشيطان الاكبر) والاعضاء الاخرون كانوا مرتاحين للزيارة ونتائجها السياسية وامتدت بقوة لاجواء فيق بدر حيث هنالك انقسام واضح في الراي.
اخبرني احد العلماء الذي يسكن وقتذاك مدينة قم الايرانية  معقل الحوزات الدينية والمرجعيات العلمية الكبيرة ايرانية وعراقية وافغانية وباكستانية واذربيجانية وهندية..وقال لي ان السيد الحكيم وفي محاضرة (الاربعاء) المعروفة تعرض لجملة من الاسئلة (المحرجة) ازاء الزيارة التي قمت بها للادارة الامريكية وهل انها كانت بموافقة السيد الحكيم ام تمت بدون علمه ورضاه فاجابهم السيد الحكيم – والكلام للعالم الذي التقاني – ان الدعوة وجهت للاخ بيان جبر واستجاب لها بقرار منه وننتظر عودته لكي يضعنا في صورة الزيارة وتفاصيلها.
تم تحديد موعد لي مع سماحة السيد الحكيم بطهران وحين دخلت على سماحته لم اجد الصورة التي قراتها في عيون بعض اعضاء المجلس الاعلى الوجلة والاحزاب الاسلامية الاخرى التي هاجمت خطوة الزيارة بصحفها ومنابرها الاعلامية في طهران ودمشق وقد حدث ان الجميع هرول صوب الادارة الامريكية محاورا وضيفا يركض ويستقتل على طلب لقاء مع مسؤول امريكي برتبة اقل بعد 10 سنوات من هذه الزيارة فشتان بين من يقرأ  ومن لايقرأ!!.
وجدت السيد الحكيم مستبشرا فرحا فحمد لله على سلامة عودتي الى صفوف القيادة من اخواني وصلابة موقفي الذي عرضته على الادارة الامريكية وصواب الراي في التوجه الى واشنطن ولقاء الادارة الامريكية والساعات الخمس التي شرحت فيها النقاط الخمس للامام الحكيم وطلب مني الحضور الى اجتماع الشورى المركزية للمجلس الاعلى في اليوم التالي لاشرح بايجاز مشهد الزيارة والنتائج المستخلصة.
لم يفت الامام الحكيم كعادته ان يستضيفني في منزله لنقضي ساعات على العشاء نتناول فيها اهم التطورات على الساحة العراقية في سوريا ولبنان والمنطقة العربية واستلهم منه العبر والدروس والافاق الرحبة في التحليل وقد خرجت من بيته وتوجهت الى الامام الرضا (عليه السلام) لاختم زيارتي لطهران بزيارة ثامن الائمة في طوس.
قدمت شرحا متوازنا لزيارتي للاخوة في الشورى المركزية وكان من بين الوجوه التي استقبلتني بحرارة وود ودفء اخوي كبير مرشد الدعوة الاسلامية الشهيد عز الدين سليم (ابو ياسين) الذي لم يفارق الامام الحكيم ولم يتامر عليه ولم يضمر له السوء والحجة السيد سامي البدري امام حركة جند الامام والعالم الرباني الموسوعة والسيد عبد العزيز الحكيم المشرف على العمل الخاص للمجاهدين في الداخل والسيد محمد الحيدري المشرف على عمل الخارج الخاص بالمجلس الاعلى واخرين.
وجرى نقاش وحوار عميق حول رؤيتي ووجهة نظري ازاء الموقف الامريكي ومدى جديته في مشروع اسقاط النظام العراقي وحماية الجنوب من الاسلحة الثقيلة والطائرات المقاتلة وكان لقاءا مثمرا ومفيدا.
عدت الى دمشق وانا اكثر ارتياحا للنتائج التي حققتها زيارة طهران وبت على يقين ان العامل الدولي بعد موافقة السيد الحكيم على الانفتاح عليه ضرورة ستراتيجية لاستمرار مشروع العمل لاسقاط النظام في اطار النقاط الخمس وقد تحولت وصايا الامام لي بالتحرك الى ثوابت زادتني قوة وانا اتحاور واعمل في اطار هذا المشروع وقد اكد الامام ضرورة متابعة تطبيق القرار 688 الخاص بحقوق الانسان بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع القرار 687.
على المستوى السوري التقيت نائب الرئيس عبد الحليم خدام وجرى الحديث حول الزيارة وبينت لخدام ابعاد الزيارة واهدافها والتفهم الامريكي لمعاناة الشعب العراقي وارتياحهم للمبادرة الوطنية التي اطلقها السيد الحكيم في دمشق.
خدام بدوره اعتبر الزيارة ناجحة وتصب في مصلحة الشعب العراقي وتنسجم مع رؤية الرئيس الاسد التي تقضي بضرورة العمل المشترك الكردي العربي في العراق من اجل توضيح صورة المعارضة العراقية امام العالم.
وفي بيروت التقيت الامام محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في لبنان وممثل المرجع الاعلى للطائفية الشيعية السيد محسن الحكيم في مدينة الديوانية العراقية ووضعته في صورة الزيارة الامريكية والنتائج فقابلني بارتياح كبير وقال لي ان تلك الزيارة كان ينبغي لها ان تتم قبل الانتفاضة الشعبانية من عام 1991 لكي تساهم على الاقل بتوضيح صورة الاهداف السياسية للمعارضة العراقية والبديل الذي ترجوه في حركتها لاسقاط النظام.
والتقيت سماحة السيد محمد حسين فضل الله ووضعته كذلك في صورة هذه الزيارة وابدى ارتياحه للنتائج التي تمخضت عنها.
شعرت ان شوكة التيار الاسلامي العراقي في سوريا قد قويت واشتد عودها خلافا للمراحل السابقة من عمل التيار الاسلامي في سوريا فعملت بهذا الصدد على احياء وتفعيل حوارات البيت الاسلامي وكنت استضيفها اسبوعيا في مكتبنا بالزاهرة الجديدة.
القضية الاهم بعد الزيارة الافق الذي تحركت على ضوئه الادارة الامريكية منذ شباط 1994 حيث تحركت على تفعيل القرار 687 الخاص بالتفتيش عن اسلحة الدمار الشامل العراقية ودخول قصور صدام حسين وغرف نومه واعتبر هذه الخطوة بداية التوجه الدولي لاسقاط النظام العراقي لكن القرار 688 القاضي بحماية الجنوب العراقي لم يوضع تحت البند السابع في ادراج مجلس الامن كشقيقه القرار 687 الذي كان ضمن البند السابع وهي نقطة الخلاف الجوهرية بين المجلس الاعلى ومجلس الامن.
وعلى خلفية هذا الاجراء التمييزي الدولي بين قرارين شقيقين عقدنا مؤتمرات مهمة في هذا الاطار وضحنا فيها اسباب الاهمال الدولي للقرار 688 وتفعيل تدمير الاسلحة بالقرار687 وربما اتضح فارق الاهمال الدولي تاليا بسبب النشاط الكبير الذي قمنا به وقلنا ان  التمييز بين قرار وقرار ينطوي على تمييز اكبر بين اهمال معاناة الناس وغض الطرف عن النظام الدكتاتوري في العراق.


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك