هجرتي ( الحلقة 15 ) .. باقر الزبيدي
في بداية عام 2000 كنت في الطريق الى جانب السيد محمد باقر الحكيم الى بيروت ونحن نغذ السير الى مكتب رئيس الحكومة اللبنانية د.سليم الحص
عندما اتصل بي على هاتفي الجوال المدير المعد لبرنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة القطرية وهو يدعوني للمشاركة في البرنامج المذكور الى جانب شخصية لااعرفها كما درج على ذلك التقليد المتبع في الاتجاه المعاكس. 
ساعتها قلت لمعد البرنامج الاشهر في العالم العربي انذاك انني ساعطيه الاجابة بالموافقة من عدمها لاحقا وحال اغلاقي للهاتف التفت الى سماحة السيد الحكيم واخبرته بالامر فبادرني بالقول ..اذهب وشارك في البرنامج واعطاني بعض الملاحظات والمحاور المهمة ووضعني قدر الامكان بصورة الاسئلة الحرجة المتوقعة.
وبعد سلسلة من اللقاءات السياسية التي بدات برئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود ورئيس الحكومة الحص ورئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والامام شمس الدين رئيس المجلس الشيعي الاعلى في لبنان والعلامة السيد محمد حسين فضل الله وحضرنا المادبة التي اقامها تجمع العلماء المسلمين في لبنان الذي يضم علماء السنة والشيعة اخبرت معد البرنامج بالموافقة ..وبخصوص التجمع فقد كان لي نشاط طيلة الفترة السابقة من عمره في الساحة العربية واللبنانية.
اتذكر في تلك الزيارة الزيارة التي قام بها السيد الحكيم الى بلدة بنت جبيل الحدودية مع فلسطين المحتلة حيث قبر جده اية الله السيد مهدي الحكيم وعمه العلامة السيد هاشم الحكيم وبعد قراءة الفاتحة توجهنا الى بوابة فاطمة التي تقع بمحاذاة الخط الازرق وكان ذلك بعد تحرير كامل الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي واتذكر ان السيد الحكيم فاجأنا بان امسك بمجموعة من الحجارة والقى بها على جنود اسرائيليين كانوا يبعدون عنا عدة امتار!.
عدنا الى دمشق وقررت المشاركة في برنامج الاتجاه المعاكس حيث وصلت الدوحة قادما من بيروت يوم 28/2/2000.
في ليلة 29 /2 وفي غرفة الفندق التي خصصت لي فكرت ان انام مبكرا لكي استعد من الناحية النفسية والجسدية لبرنامج اجهل اسئلته واجهل الشخص الذي سيكون خصمي على قاعدة البرنامج التي تفترض دائما وجود رايين مختلفين ومتعاكسين!.
الغريب انني كلما كنت اغفو لكي استريح من اجهاد السفر والراحة للاستعداد لليوم التالي كنت اسمع طرقا شديدا على الباب يوقضني وقد تكرر هذا الامر ثلاث مرات وهي حالة مقصودة لازعاجي وهو اسلوب اعتادت المخابرات العراقية عليه في اغلب دول الخليج والهدف الاساس هو اتعابي واقلاقي لكياحضر البرنامج وانا منهك لااستطيع ان اقدم الشيء الذي جئت من اجله ومن اجل الدفاع عنه.
في اليوم التالي صباحا زارني الدكتور محمد المسفر استاذ العلوم السياسية في جامعة الدوحة وجرى حوار ثنائي حول مختلف القضايا السياسية في المنطقة وزارني الاستاذ نوري البحراني (من التيار القومي العراقي) مع مجموعة من المعارضين العراقيين الموجودين في الساحة القطرية ودعيت الى مادبة غداء في احد المطاعم القطرية وكان مناسبة لتناول اطراف احاديث عراقية شتى.
وفي تمام الساعة الثامنة وصلت الى محطة الجزيرة ورافقني الى الاستوديو مقدم البرنامج الدكتور فيصل القاسم وفوجئت ان خصمي المفترض في البرنامج هو السيد عبد الجبار الكبيسي عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في وقته وعضو القيادة القطرية للبعث العراقي وهنا ساترك الحديث لاخي الكاتب العراقي عمار البغدادي الذي عاش البرنامج لحظة بلحظة الى جانب بقية الاخوة في صحيفة نداء الرافدين مراقبا ومشاهدا ومراقبين ومشاهدين ومقيمين لانني قلت لجميع الاخوة في الصحيفة ومركز الدراسات العربية ضرورة الاهتمام بقراءة البرنامج وتقييم الاداء.
عمار البغدادي:
بعد عودة الاستاذ من سفره الى العاصمة اللبنانية برفقة السيد محمد باقر الحكيم اجتمع بنا انا ونائب رئيس التحرير السيد عدنان الامير وكان معنا المحرر الاول في الجريدة الاخ كريم جواد وقال لنا اريد ان اجري اللقاء المفترض لقناة الجزيرة القطرية هنا في جريدة نداء الرافدين قبل ان اسافر الى الدوحة واريد منكم ان تطرحوا الملفات المتوقعة او تضعوني في كل الاسئلة المفترضة وبحرية تامة ودون اي تحفظ لاني اتوقع ان البرنامج سيكون عاصفا بالاسئلة غاصا بالتوقعات والمفاجأءات خصوصا بعد الحلقة التي جمعت الدكتور موفق الربيعي ومشعان الجبوري حيث مالت الكفة للجبوري على كفة الربيعي ماادخل بعض الالم على نفوس الغالبية العظمى من العراقيين في بلدان المهجر.
وضعنا الحاج في صورة الاسئلة المتوقعة وطرحنا عليه اسئلة لم يطرحها فيما بعد فيصل القاسم في البرنامج اضافة الى ذلك حمل الزبيدي معه وثائق واوراقا تتضمن ملاحظات اضافية قد تعينه في اداء مهمة الظهور اللائق له في ذلك البرنامج.
في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم 29/2 لم يبق ولاعراقي في دمشق خارج بيته فقد كان العراقيون يلازمون بيوتهم بانتظار ظهور برنامج الاتجاه المعاكس ولااخفي سرا ان قلت انني كنت اضع يدي على قلبي من اية مقاجئة قد تظهر في سياق البرنامج لكن ظهور الحاج وهو مرتاح وعلى استعداد واضح امام ضيفه البعثي الذي كان هو وجماعته فتح حوارا سريا مع النظام العراقي السابق بغية كسر ارادة المعارضة العراقية والنيل منها للايحاء ان جزءا من المعارضة العراقية يحاور النظام وان النظام يستقبل جزءا من المعارضة ولديه الروحية التي يستقبل بها معارضيه عكس الصور الماخوذة عن النظام!.
وبدأ الحوار وبدا الضيفان يتنازلان ..كنت اشعر كما العراقيون يشعرون ان الذي يجري ليس حوارا في السياسة انما كان حوارا بالبنادق وهكذا هي حواراتنا مع النظام ورموزه عادة ماتكون حوارات مسلحة وقد عكس الكبيسي في الاتجاه المعاكس لغة حقودة وابان عن كراهية شخصية شديدة للمعارضة الاسلامية والخط الوطني الذي كان يقاتل النظام في اعتى ظرف سياسي واصعب مرحلة تاريخية من حياة الشعب العراقي.
كت وجلا من حركة الاسئلة التي كان يطرحها فيصل القاسم ووجلا اكثر من تمكن هذا الكبيسي من احراز تقدم ما في اطار البرنامج..المعروف ان الكبيسي بعثي قديم ولديه قدرة على الجدل والاهم قدرة غريبة على حبس طاقة هائلة من الكراهية في نفسه تؤهله لان يجاري وربما يبطش بالذي يقف امامه خصوصا اذا ماكان الاخر يتناقض مع الكبيسي في المعتقد السياسي والاهداف الكبرى والمتبنيات الفكرية والسياسية فكيف اذا كان الخصم المجلس الاعلى والضيف بيان جبر؟!.
لكنني وبعد الدقائق الخمس الاولى بدات مخافي تتبدد والقلق ينحسر وتسونامي الخشية من انهيار دفاعاتنا الاعلامية تنهار على وقع استعداد بيان جبر وقدرته البيانية وجراته السياسية والمامه بالمادة والمعلومة وسرعة البديهة التي بددت كل الذي كان يتسرب الى النفوس!.
بعد مرور هذه الدقائق وقبل ان ينتهي البرنامج وعلى وقع الاجابات الجريئة والمتقنة لاخينا الزبيدي قلت لصاحبي الذي استضافني في بيته تلك الليلة ..لقد انتصرنا على البعث وصدام حسين وعلى السلطة من خلال انتصارنا المدوي في على الكبيسي في الدوحة!.
مرت الدقائق التي تلت الدقائق العشر الاولى مقنعة حيث كان الزبيدي مقنعا وخفيفة الظل كما كانت اجاباته خفيفة على الاذن والعين والقلب وكان كلما انبرى الكبيبسي برمية يصيب بها مقتلا من المعارضة العراقية وموقف الاسلاميين من صدام حسين ومشروع الاطاحة بالنظام ومقارعة الدكتاتورية كان الزبيدي يعالجه برمية تشبه رمية حسان بن ثابت وصوت رسول الله يتهادى عبر التاريخ..ارمهم بسهام شعرك ياحسان وانا اقول .. ارمه بسهام ردك يابيان!.
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك