قصتي .. في وزارة الداخلية ( الحلقة 19 ) .. باقر جبر الزبيدي
 اديت القسم وزيرا لداخلية العراق في الحكومة المؤقتة في 7 نيسان2005 وفور وصولي لمكتبي
استدعيت التقرير الامني اليومي فكانت التقرير مرعبا اذ نفذت المجموعات الارهابية اكثر من 270 عملية مسلحة بين اغتيال وعبوة ناسفة وسيارة مفخخة وعملية خطف وحز رؤوس في كافة المناطق العراقية!.
اما حصة بغداد في التقرير الامني فكانت 12 سيارة مفخخة عدا العبوات الناسفة والخطف والذبح بالسكاكين على الطريقة القاعدية البعثية!.
هنا بدات بالتفكير مليا بعد ان شهد اليوم الثاني والثالث تصعيدا واضحا في العمليات المسلحة واضعا بنظر الاعتبار شراسة العدو وكراهيته الطائفية وانه سوف لن يهدأ وفي الوزارة وزير عرف بقسوة تعاطيه مع النظام البعثي السابق!.
في هذه الاثناء بدات بوضع لمسات نهائية على خطة عمليات مسلحة تستهدف المجموعات الارهابية باسلوب حرب العصابات وليس اسلوب الحرب التقليدية (مسك الارض والدفاع عنها) وهنا وصلتني برقية من استخبارات الشرطة الوطنية في وقتها ان منزلي في الكاظمية الذي كنت اقيم فيه وعائلتي منذ سقوط صدام حسين سيتعرض لتفجير سيارة مفخخة بزنة نصف طن (بسعة قاطرة ومقطورة) ممااضطرني لنقل عائلتي من البيت الى غرفة صغيرة مجاورة لمكتب ادارة العمليات القريبة لمكتبي.
لم اكن اشعر بحراجة موقف عائلتي لانها بالاساس كانت تسكن منزل المعارضة العراقية الذي استقبل المجاهدين وودع اخرين منهم الى العمل الجهادي في دمشق وكان بيتا مفتوحا للجميع على امتداد سنوات المنفى فعقدت اجتماعا عاجلا حضره الاخ الدكتور سعدون الدليمي وزير الدفاع والفريق عبد القادر العبيدي قائد القوات البرية واللواء عدنان ثابت السامرائي قائد الشرطة الوطنية واللواء رشيد فليح قائد قوات المغاوير واللواء محمود الوائلي مدير مكتب وزير الداخلية.
 وعلى مدار ساعتين من البحث والتداول تم الاتفاق على القيام بعمليات اسميتها (البرق) وفي وقتها عقد اجتماع في مكتب الدكتور الجعفري رئيس الحكومة وحضره وزراء الداخلية والدفاع والجنرال كيسي قائد القوات متعددة الجنسيات في العراق وقائد القوات البريطانية في العراق والسفيران زلماي زاد والسفير البريطاني بيتي وتم الاتفاق في هذا الاجتماع ان يكون وزير الداخلية المسؤول المباشر عن امن بغداد وفي بقية المحافظات العراقية وبدعم مباشرمن وزارة الدفاع لان قوات الشرطة انذاك لم تكن تمتلك العدة والعدد الكافي لمواجهة تحدي حماية المدن.
المهمة الاولى التي وضعتها في اطار رؤيتي لادارة الامن في بغداد هي المباشرة بتطويع وتدريب الشرطة الوطنية وكان هنالك مركزان رئيسيان للتدريب احدهما في النعمانية والثاني في الاردن في معسكر (الجبتك) بالقرب من الحدود العراقية الاردنية ومن الجدير بالذكر ان هذا المعسكر كلف الاميركان مايقرب من مليار دولار.
كنت اخطط لان انهي ثلاث دورات سريعة في كل شهر بسبب التحديات الامنية الكبيرة والحاجة الملحة لضبط الشارع ومواجهة الارهاب العربي والمحلي وكان التدريب يطوي الليل بالنهار وقمت بزيارات متكررة لمعسكر جبتك والنعمانية العراقية بغية الاطلاع على مستوى التدريب والجهوزية القتالية وكنت اعود من زياراتي الميدانية لمعسكرات التدريت وانا اشعر بالغبطة والارتياح للمستوى العالي للتدريت والروح المعنوية التي كان يتحلى بها المقاتلون.
بدات مفاوضات مع الجنرال بتراويس مسؤول التسليح والدعم اللوجستي باستحصال كميات من البيكيسي والرشاشات الاوتوماتكية (الكلاشنكوف) والمسدسات فوافق بتراويس لكنه كان شحيحا معنا في الحصول على اسلحة متوسطة.
في العاشر من مايس 2005 تخرجت الوجبة الاولى من المقاتلين الشباب وهم في عمر الزهور وكان الحماس يملؤهم والحمية تحملهم الى حيث سوح القتال والمواجهة مع بقايا المشروع الارهابي الذي كان يفخخ ويقتل ويعتدي ويدمر اهلنا ومنشاءاتنا وبنانا التحتية واذكر جيدا حين القيت خطاب التخرج في معسكر النعمانية حددت المعالم الاساسية لخارطة طريق التحدي في مواجهة مايتعرض له العراق من تحديات وقلت ان الارهاب انما يغمس يديه الملطختين بالدم البريء الذي يراق في العراق دون وازع من ضمير او دين او قيم اخلاقية انسانية والكلمة كما اتذكر وضعت نقاط اساسية لمشروع رؤية بناء عقيدة وطنية للشرطة العراقية.
ولازلت اتذكر ايضا بعد انتهاء كلمتي في هؤلاء الشباب الصيحات والهتافات التي كانت تتعالى في الهواء وهي تنادي وتدعو الى العراق الجديد والتمسك بمشروع الوحدة الوطنية ولم نكن نفكر او نتطلع او نخفي اية نوايا للصدام والحساسية الطائفية والمذهبية والقومية.
نفس الامر جرى في معسكر الشرطة العراقية في الجبتك الاردني فقد انهيت الكلمة واذا بي اطوق بالهتاف الوطني وصيحات الدفاع عن العراق ووحدته الوطنية وكان غالبية شباب ومنتسبي هذه الدورة من الموصل الحدباء وشيخان ذات الاكثرية الازيدية والانبار.
كان العمل في الداخلية شاقا اصل فيه الليل بالنهار ولاانام الا ساعتين فيما كانت عائلتي تعيش معي في غرفة واحدة وكنت دائب الصلة بجميع الاجهزة والقادة وزياراتي الميدانية كانت تمنح المقاتلين والقادة الميدانيين المزيد من القوة والاستعداد والجاهزية اضافة الى اجتماعي الاسبوعي بالوكلاء والمستشارين والقادة الميدانيين وكنت اخصص وقتا مرتين في الاسبوع لمسؤولي اجهزة الاستخبارات في الشرطة الاتحادية والاستخبارات الوطنية وكان همي الاساس مواجهة مخطط كبير لتقسم العاصمة.




تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك