هجرتي ( الحلقة 7 ) .. باقر الزبيدي
بيروت التي استضافت مؤتمر المعارضة العراقية في البريستول هوتيل اذار 1991 استضافت المؤتمر الاول لاعلان (لعم) في عام 1990وقد تضمن البيان
منهج المعارضة العراقية للمرحلة المقبلة من نضالها ضد نظام صدام حسين وابرز الشخصيات العراقية المعارضة التي حضرت المؤتمر في ذلك الوقت ممثل السيد الحكيم عضو الشورى المركزية للمجلس الاعلى السيد محمد الحيدري والسيد جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني واللواء حسن النقيب واخرون وحضر المؤتمر ايضا جمهور واسع من الصحفيين ووسائل الاعلام العربية والاجنبية اما الفضائيات العربية والاجنبية فقد تجاوز عددها ال20 وسيلة تلفزيونية.
بعد هذا الاعلان اجتمعت الامانة العامة ل(لعم) في مكتب العمل الوطني بدمشق حضره السيد الطالباني وبيان جبر وجواد المالكي ومهدي العبيدي وفخري كريم وتم في هذا الاجتماع وضع تصورات حقيقية للتحرك السياسي والاعلامي ازاء الدول الاقليمية والدولية وفتح قنوات اتصال مع المحيط الدولي لتوضيح صورة الحال العراقية ومايكابده العراقيون من معاناة تستوجب مشروعا للخلاص من هذا النظام.
من وجهة نظري فان (لعم) نجحت ولاول مرة في ان تجمع اطياف غير منسجمة كالشيوعيين والاسلاميين في اطار عمل سياسي واعلامي مشترك وهو مايحصل لاول مرة في اطار التجمعات والحركات والجبهات القومية والاسلامية في العالم العربي.
 اما النجاح الثاني الذي تحقق في اطار لجنة العمل المشترك هو سرعة الاندماج في تقديم المصالح الوطنية العليا على المصالح الحزبية والفئوية وهو ماكنت اسمعه باستمرار على السنة الدبلوماسيين العرب والاجانب ووزراء الخارجية العرب والاجانب ورؤوساء العلاقات الخارجية في البرلمانات الاوربية.
اود ان اشير بعجالة الى الملاحظة التالية..كان الاخرون تيارات واحزاب عربية لااريد ان اسمي طرفا منها اخص بالذكر هنا الاخوان المسلمين واطراف في المعارضة السورية الحالية.. والملاحظة هي الاتهام الذي كانت تسمعه المعارضة العراقية انها غير جادة ومنقسمة ومرتبكة ولايوجد اطار يوحدها ويجمعها واجزم ان الفضل في توحيد المعارضة العراقية يعود الى سماحة امام المحراب السيد الشهيد محمد باقر الحكيم (رض) لهذا اقول ان المعارضة العراقية شهدت توحدا غير مسبوق وعملا مشتركا غلب المصالح الوطنية العامة على الحزبية والفئوية الضيقة!.
ابرز نشاط للجنة  هي الزيارة التاريخية التي قمنا بها ( جلال الطالباني وبيان جبر ومهدي العبيدي وفخري كريم) الى المملكة العربية السعودية وبمقترح من الراحل الرئيس حافظ الاسد على خلفية تحليل للرئيس قال فيه لابد لكم ان تنفتحوا على المملكة العربية السعودية لتنالوا اعترافها بكم كممثلين لشرائح الشعب العراقي في اطار هذه اللجنة فانتم شيعة واكراد ويساريون وقوميون ومن الصعوبة بمكان ان تنالوا هذا الاعتراف دون تكثيف اللقاءات بقادة المملكة والقادة العرب الاخرين وهذا دليل ان الاسد لم يكن يتجاوز العرب حتى في علاقة المعارضة العراقية بسوريا.
توجهنا بطائرة سورية خاصة هي الطائرة الخاصة بالرئيس السوري حافظ الاسد الى الرياض وتم استقبالنا من قبل مسؤولي مكتب الامير تركي الفيصل الذي كان يشغل منصب مدير الاستخبارات العامة السعودية وهو جهاز معني بمتابعة العلاقات مع الانظمة والحركات السياسية في العالم العربي والاسلامي والدولي ونزلنا في مقر (صلاح الدين) في الرياض وبدانا باستقبال العديد من الشخصيات السياسية العراقية المعارضة ابرزهم اللواء عبد الغني الراوي وهو ضابط سابق في الجيش العراقي حاول القيام بعملية انقلاب في السبعينات من القرن الماضي وفشلت والشيخ نعمان الراوي احد قادة الحزب الاسلامي والشيخ محمد الالوسي زعيم الكتلة الاسلامية العراقية واللواء عبد الرحمن الداود احد قادة انقلاب تموز 1968 والتقينا الامير تركي الفيصل وبرفقته الامير خالد بن فهد بن عبد العزيز واللواء محمد العتيبي ودام اللقاء ثلاث ساعات ناقشنا فيه اهداف لجنة العمل المشترك والاحزاب السياسية المنضوية في اطارها والرؤية المستقبلية لها بعد سقوط نظام صدام حسين وتحدث كل منا عما يمثل ومايحمل من رؤية تتعلق بالعراق الذي يلي عراق صدام حسين.
واتذكر اننا كنا في منتصف الاجتماع واذا بصفارات الانذار تدق بقوة في العاصمة الرياض وفجأة فتحت ابواب قاعة الاجتماع واشار مسؤول المراسم الى الامير بضرورة مغادرة القاعة الى الملجأ وحين اشار الامير ملوحا بيده ان تفضلوا الى الملجأ لحمايتكم من الصواريخ القادمة من منصات حرب الخليج الثانية حيث كان صدام في الكويت اشرت اليه اننا قد تعودنا على جرائم النظام وصواريخه فلانخشى تلك الصواريخ والتهديدات لذا سنبقى في اماكننا ولانغادرها الى الملاجىء مااضطر الامير الى البقاء معنا واستكمال الاجتماع وماهي الا دقائق حتى سمعنا بدوي سقوط الصواريخ التي انطلقت من الاراضي العراقية صوب العاصمة السعودية.
نهض الامير خالد الى الهاتف واتصل بالجهات المسؤولة فاخبرنا ان الصاروخ سقط في مكان خال ولاتوجد اصابات في هذا الاطار.
السيد الطالباني اشار الى الامير اننا جئنا للقاء جلالة الملك فهد بن عبد العزيز ال سعود لوضعه في صورة ماتبنته المعارضة العراقية مؤخرا في اطار لجنة العمل المشترك وضرورة ان تلعب المملكة العربية السعودية دورا محوريا ومساندا لحركة الشعب العراقي والتخلص من الدكتاتورية ويهمنا ان نؤكد ان تلك الزيارة تمت قبل بدأ انتفاضة اذار 1991 باسبوعين.
كانت مهمة الوفد الاساسية هي توفير الحماية للانتفاضة المتوقعة للشعب العراقي ضد النظام الصدامي بغية الحصول على الدعم العربي حيث كانت الرياض تمثل ثقلا مهما في عملية اسقاط النظام.
قبل ان ندخل مكتب الامير فيصل واثناء وجودنا في صالة الاستقبال شعرنا بمحاولة لافشال مهمة الوفد عبرزج اطراف وشخصيات عراقية معارضة في اللقاء المفترض مع ملك السعودية فهد بن عبد العزيز بعضهم من (لعم) واخرين من خارج اللجنة وهو مااصبح واضحا لنا كوفد يمثل الامانة العامة والهيئة العامة حيث ابغنا الفريق تركي التعيبي وهو نائب الامير تركي الفيصل ان لقائكم بجلالة الملك سيتم بحضور تلك الشخصيات التي يتجاوز عددها ال10 شخصيات ماعد اول محاولة اختراق سعودية للاتفاق العراقي المعارض في اطار لعم وهو مالم نكن نتمناه او نتوقعه من المملكة العربية السعودية في ان تزج 10 شخصيات لاتمثل الا نفسها مع 4 شخصيات يمثلون القاعدة العريضة للشعب العراقي!.
ان وجود 10 شخصيات اضافة الى 4 يمثلون لعم يعتبر مصادرة للقوى الواقعية والميدانية عبر اغراقها بالشخصيات الهامشية اما السبب الاساس في ظني هو ان السعودية ارادت ان تغرق المعارضة العراقية بمسميات ليس لها وجود فعلي على الارض بغية افشال عمل المعارضة التي توحدت رؤاها في لعم وهم في الغالب شخصيات عاشت في السعودية بصفة لجوء سياسي!!.
تنادينا في الحال الى اجتماع رباعي وبعد نقاش مستفيض وعميق خرجنا بالتالي.. ان نكتب رسالة نوجهها الى جلالة الملك فهد نؤكد فيها رغبتنا بلقائه وعدم استعدادنا للحضور الى اجتماع يسوف ماجئنا بصدده ومانمثله من ثقل وطني واجماع سياسي في المعارضة العراقية ونوهنا في الرسالة ان حضورنا مع تلك الشخصيات مع احترامنا لها سيحرجنا امام 17 تنظيما سياسيا هم عماد لجنة العمل المشترك وقاعدته.
سلمت الرسالة الى الفريق العتيبي وفي اليوم التالي جاء الجواب ان جلالة الملك يرحب بكم شرط حضور الشخصيات المقربة من المملكة شعرنا ساعتها ان الرياض ليست بصدد الاعتراف بنا!.
الجدير بالذكر ان الفريق العتيبي الذي تسلم رسالتنا عين لاحقا سفيرا للمملكة العربية السعودية في افغانستان وكان المهندس الاول لهيكلية تنظيم طالبان الذي تسلم السلطة  اواسط التسعينات بقوة السلاح في كابول!.



تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك