هجرتي ( الحلقة 6 ) .. باقر الزبيدي
عدت الى دمشق وانا اكثر تصميما على مواصلة (درب ذات الشوكة) رغم الاحباط الكبير الذي اجتاحنا بسبب فراغ الساحة العراقية والهجرة (الثانية) من
طهران ودمشق الى اوربا. بدانا بوضع تصورات سياسية وصيغ عمل جديدة تتناسب والمرحلة العراقية في سوريا وفي نهاية الثمانينات دخلنا مرحلة تشكيل التحالفات السياسية الوطنية الكبيرة التي تتجاوز محاذيرنا السياسية ايام (جود) و(جوقد) فكان قرار قيادة المجلس الاعلى المساهمة الكبيرة في توحيد جهود المعارضة العراقية من خلال تشكيل ماسمي لاحقا ب(لجنة العمل المشترك) نهاية الثمانينات وقد حضر من طهران وفد يمثل السيد الحكيم برئاسة السيد محمد الحيدري وبدا السيد الحيدري حيث كنت ارافقه سلسلة من اللقاءات والاجتماعات الثنائية مع اطراف المعارضة العراقية الكوردية والقومية واليسارية وفي نهاية هذه السلسلة الطويلة من اللقاءات والمشاورات توصلنا لكتابة البيان التاسيسي للجنة العمل المشترك (لعم) والتي ضمت 17 تنظيما من مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية. توقفت جهود تاسيس لجنة العمل المشترك التي بذلنا من اجلها مساع كبيرة واجتماعات مهمة فترة 6 اشهر بسبب ساذج على المستوى السياسي كان يفترض بالاخوة الشيوعيين العراقيين عدم التوقف عنده وهو اعتراضهم على البسملة التي وضعت في اعلى البيان التاسيسي للجنة العمل المشترك فتعطل الاعلان هذه الفترة ولم تحل (عقدة البسملة) حتى حصل لقاء على هامش الزيارة الرسمية للرئيس الراحل حافظ الاسد الى طهران بين الاسد والسيد الحكيم حيث لعب الرئيس السوري عند عودته الى دمشق دورا في تذليل تلك المشكلة بعد ان وضع السيد الحكيم الرئيس الاسد في صلب الاجواء والتفاصيل الخاصة بتشكيل اللجنة مااثار استغراب الرئيس واستهجانه للطريقة التي توقفت بها جهود تاسيس (لعم). في بداية 1990 عقد اجتماع مهم في مكتب نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ضم السيد جلال الطالباني ممثلا عن التحالف الكوردستاني وبيان جبر ممثلا عن المجلس الاعلى وجواد المالكي ممثلا عن حزب الدعوة الاسلامية ومهدي العبيدي ممثلا عن التيار القومي وفخري كريم ممثلا عن الحزب الشيوعي العراقي وتم في الاجتماع المذكور الاتفاق على تحديد موعد لاعلان تشكيل لجنة العمل المشترك مع حصول اجماع على ظهور البيان الاول للجنة متضمنا اية البسملة!. حضر السيد محمد الحيدري بعد نجاح تجربة الاجتماع المذكور وتحديد موعد الاعلان عن اللجنة العراقية الجديدة ليوقع بالنيابة عن قيادة المجلس الاعلى في حين وقعت باسم حركة المجاهدين العراقيين وكان مجموع التنظيمات التي وقعت على اعلان اللجنة كهيئة عامة 17 تنظيما فيما ضمت الامانة العامة خمسة احزاب رئيسية هي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وحزب الدعوة الاسلامية والتحالف الكردستاني والتيار القومي والتيار الديموقراطي. اود ان اقول في هذا الاطار ان دمشق ممثلة بالرئيس حافظ الاسد وطهران ممثلة بقيادتها الاسلامية لعبتا دورا داعما لنا في توحيد جهود المعارضة العراقية في مقارعة الدكتاتورية فيما كان العالم انذاك عربا واقليميين ودوليين يقفون الى جانب صدام حسين حتى يوم الثاني من اب من عام 1990 حيث داهمنا خبر قيام صدام حسين بغزو الكويت واحتلالها خلال ساعات. هنا بدات مرحلة جديدة من النضال الوطني تختلف في الشروط والاستعدادات والجاهزية والفعل الاقليمي والدولي عن خريف المعارضة العراقية وسباتها العميق في السنتين الاخيرتين من نهاية الحرب العراقية الايرانية. برز المجلس الاعلى كطرف فاعل في معادلة المرحلة السياسية الجديدة ومؤثر في ميزان مشروع اسقاط النظام الدكتاتوري الذي اصبحت الاطاحة به مطلبا خليجيا بالدرجة الاولى واقليميا ودوليا ..فكان مكتب السيد الحكيم في طهران مزارا ومحجا لوزراء الخارجية العرب والاجانب وسفراء الدول الكبرى بعد حصار اقليمي وحرب دولية ضد ايران استمرت 8 سنوات .. نجح الحكيم ولاول مرة في تاريخ المعارضات السياسية في العالم بفتح ممر امن لطهران في مواجهة الحصار والقطيعة العربية والدولية واصبحت ممثلية المجلس الاعلى في دمشق وبيروت مزارا للسفراء العرب والاجانب ولايمر يوم الا وهنالك سفير عربي او دبلوماسي غربي في مكتبنا في الزاهرة الجديدة. لقد تحول مكتبنا السياسي والاعلامي في دمشق ورشة عمل دؤوبة طيلة ايام وشهور الغزو العراقي للكويت وتحتفظ الوثائق الوطنية لتلك المرحلة تسجيل اكثر من 4200 مقابلة ولقاءا تلفزيوني واذاعيا وصحفيا عربيا ودوليا وكنت وانا في سيارتي الشخصية او مكتبي ادير حوارات والتقي باذاعات واتحدث عن العراق والدكتاتورية والغزو وانتهاكات حقوق الانسان وطبيعة النظام الذي نتمنى!. وانا في لجة هذا التحدي السياسي والمواجهة الضارية وعمل دؤوب نصل فيه الليل بالنهار والنهار بالليل تذكرت لقائي سماحة السيد الحكيم يوم كنت في قمة يأسي وماسميته خريف المعارضة وكيف خيرني بين البقاء على طريق ذات الشوكة او الانسحاب الى دول الضباب وتذكرت كذلك ايام الاستضعاف العربي والدولي لنا وكيف كانوا يدعمون صدام حسين بالمال والسلاح والسياسة ويطاردوننا في كل مكان ويعودون بجثامين اخوتنا بعد اغتيالهم بالحقائب الدبلوماسية وتذكرت اللحظة المؤلمة التي غادرت فيها مطار بغداد الى عمان في اول رحلة للهجرة الى زمن الثورة..تذكرت كل هذا فيما العالم يحاصر صدام حسين ودبابات شوارتزكوف تتسلل الى الناصرية وتحاصر دبابات النظام وحرسه الجمهورية وانتظار السفراء والدبلوماسيين العرب والاجانب منذ الساعة التاسعة صباحا على مكتبنا الدمشقي!. لم يعد المكتب بعد الغزو مكتب المجلس الاعلى انما اصبح اول سفارة للعراق قبل الاعتراف الدولي بالعراق بلدا مستقلا ذي سيادة في 9 نيسان 2003
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك