قصتي .. في وزارة المالية ( الحلقة 25 ) .. باقر جبر الزبيدي

اديت القسم يوم 20/5/2006 في قاعة مجلس النواب في بغداد وزيرا للمالية في حكومة الوحدة الوطنية المنتخبة وتوجهت الى مكتبي
واجتمعت مع عدد من المستشارين  والمدراء العامين والوكيل الوحيد للوزارة!.
تحدثت اليهم عن رؤيتي لادارة المال العام وللوزارة التي يقع على عاتقها رسم السياسات المالية للدولة واعداد  مسودة موازنة الحكومة الاتحادية (التشغيلية والاستثمارية) اضافة الى تعظيم موارد الدولة من اجل النهوض بواقع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في العراق.
واضفت في اجتماعي فور اداء القسم انني حين كنت وزيرا للداخلية وردتني معلومات ان هنالك فسادا في وزارة المالية واتمنى ان ناخذ الحيطة والحذر من استفحال هذه الظاهرة لانني اتيت الى الوزارة وفي اولوياتي مواجهة الفساد والمفسدين ومكافحته.
اما المهمة الثالثة الاخرى في اولوياتي فهي اطفاء الديون الدولية المترتبة على العراق بالافادة من وجود الدعم الدولي وتحديدا (الامريكي) للتخلص من الاعباء المالية والفوائد المتراكمة التي تثقل كاهل شعبنا عبر اثقالها كاهل الموازنة كما اكدت ضرورة النهوض بواقع الوزارة والمصارف الحكومية وتطوير دائرة تكنلوجيا المعلومات واستخدام البطاقة الذكية وزيادة رواتب المتقاعدين بما لايخل في رفع حجم الموازنة الاستثمارية لكي يتمكن وزراء الخدمات والمحافظين من تطوير المحافظات والنهوض بواقع الخدمة الوطنية.
في هذا الاطار وامام هذه الرؤية التي انطلقت من واقع التحدي المالي والاجتماعي في البلد نزلت الى مهمة ادارة وزارة المالية ولهذا انطلقت سلسلة من الاجراءات عززتها بالاجتماع مع شركات استشارية دولية  تساعد وزارة المالية في اطفاء الديون وهي شركات المحاسبة العالمية ارنست انديونغ لغرض تدقيق مستحقات الدول على العراق وشركة كليري كوتلب للمحاماة العالمية وعلى راسها المحامي الدولي السيد لي وشركات للاستشارات المالية وهم بنك لازارد الفرنسي للتعامل مع دول نادي باريس البالغ عددهم 18 دولة وشركة هولي هان لوكي البريطانية للتعامل الدائنة من دول نادي باريس وبنك ستي كروب وبنك جي بي مورغن للتعامل مع دائني القطاع الخاص وتقوم تلك الشركات الاستشارية والقانونية والمحاسبية باعداد وتدقيق دين كل دولة على العراق مع اعداد اتفاقيات اطفاء الديون وقد اثبتت تلك الشركات فاعلية نوعية في اطار حصر الديون المترتبة على العراق وتدقيقها.
وفي لندن واثناء الاجتماع مع مسؤولي تلك الشركات رن هاتفي الشخصي واذا باحد المسؤولين في الوزارة يبلغني ان وكيل الوزارة وافق على صرف 8 مليار دينار مستحقات شركة عملت مع حسين كامل ايام التصنيع العسكري في مخالفة لامر وزاري اصدرته بايقاف صرف المستحقات بسبب التلاعبات والفساد الكبير الذي شابها وعند عودتي اجتمعت مع الوكيل وابلغته ضرورة اعادة المبلغ الى الخزينة العامة وبخلاف ذلك ستتخذ الاجراءات القانونية بحقه فما كان منه الا ان اصر على صحة قراره بالصرف والمضي في العملية التي كنت ولازلت اعدها مخالفة قانونية وادارية ومالية.
وامام اصراره على عدم التراجع واعادة المبلغ وجهت كتابا رسميا مرفقا مع التحقيق الاداري الذي اجري معه في الوزارة الى هيئة النزاهة العراقية وبعد ايام تم القاء القبض على الوكيل وعلى معاون  احد المدراء العامين واحد صغار الموظفين الذين كانوا جزءا من العملية المذكورة وبعد ايام من التدقيق مع هؤلاء الاشخاص صدر الحكم بسجن الوكيل 3 سنوات ومصادرة امواله المنقولة وغير المنقولة وبذلك اسدلت الستار على ملف الفساد الذي عشعش طويلا في وزارة المالية اذ شكلت ادانة الوكيل بالجرم المشهود وسرعة اجراء الاحالة على القضاء والحكم الصادر صدمة لكل من تسول له نفسه التلاعب بالمال العام.
لقد باشرت كل هذه الاجراءات في وقت كان الارهاب على اشده مستهدفا كوادر وقادة مؤسسات الدولة العراقية وكان لوزارة المالية النصيب الاوفر من عمليات القاعدة حيث استهدفت الوزارة ب3 تفجيرات مفخخة اصابت الوزارة بضرر كبير مادعاني ولهول ما جرى على الوزارة الى اختيار نصب تذكاري يخلد شهداء الوزارة وبنايتها التي تحولت الى مجسم يعكس صمودها امام العمليات الارهابية وقدمت الوزارة منذ الايام الاولى خيرة الكوادر امثال الشهيد غازي فيصل مدير عام دائرة المحاسبة والشهيد قتيبة بدر الدين مستشار وزير المالية وكوكبة اخرى من الشهداء الذين سقطوا في التفجيرات الثلاثة والاغتيالات التي كانت تجري بالكواتم في شوارع بغداد.
بعد قيامي بهذه الاجراءات الرادعة والمسؤولة تحركت على الاولوية الثانية في اطار رؤيتي لادارة المال العام عبر رحلة اطفاء الديون


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك