هجرتي .. العودة الى بغداد ( الحلقة 17 ) .. باقر الزبيدي
واخيرا سقط النظام العراقي في 9/4/2003 وانا اشاهد في مربع قناة الجزيرة الفضائية دخول الدبابات الامريكية ساحة الفردوس فيما كان التراب الكثيف يلف بغداد وعيون الناس الوجلة من هؤلاء القادمين على ظهور دبابات الابرامز الامريكية.
عادت بي الذاكرة الى اليوم الذي خرجت فيه خائفا ارتقب عيون المخابرات العراقية وتذكرت لحظتها والدي ووالدتي ووجوه ابناء اخوتي واخواتي الذين فارقتهم اكثر من عشرين عاما وهم مابين مقموع طيلة هذه الفترة ومابين شهيد تحت التراب.
تحول مكتبي بعد ان كان موئلا للمعارضين العراقيين من كل الاتجاهات والمشارب الى سفارة عراقية جديدة معترف بها في اطار النظام الوطني الجديد ولقد رايت بنفسي بعض اركان السفارة العراقية يتسللون الى مكتبنا ويتحدثون الينا على وجل بالرغم من سقوط النظام وكان اول الداخلين الى سفارتي القائم بالاعمال العراقي صباح الامام الذي اعتز بصداقته وبدوره الوطني في تسهيل مهمة عودة الاف العراقيين الى بلدهم وفي حماية الاموال العراقية الموجودة في السفارة وبدات السفارة العراقية بمنح جوازات المرور المؤقتة البيضاء من سوريا الى العراق فطلبوا مني ارسال صور شخصية لي ولافراد عائلتي وهكذا صدرت اولى الجوازات العراقية المؤقتة بعد ان عشت سنوات بلا جوازسفر واولادي بلا هوية.
عدت الى بغداد في 25/4/2003 وبقيت حتى الشهر السادس حضرت اجتماعات عديدة لقيادة المجلس الاعلى برعاية شهيد المحراب في النجف الاشرف ثم عدت الى دمشق لكي ارتب العودة النهائية للعراق ذلك ان اقامتي الممتدة الى 21 عاما كانت خلفت ورائها مكاتب وعمل وارشيف وعلاقات عربية ودولية ومستلزمات اقامة وعائلة وارتباطات اخرى وفيماانا في دمشق واذا بي افاجأ باستشهاد السيد محمد باقر الحكيم الرجل الذي قاد مسيرة المجلس الاعلى وكان الرجل المحوري الاول في المعارضة العراقية وذلك بسيارة ملغمة وضعت في الباب التي اعتاد الامام ان يخرج منها في حضرة الامام علي عليه السلام بعد اتمامه صلاة الجمعة في النجف.
 شعرت لحظتها بعظم الفاجعة ودوي الحزن في اعماقي وفداحة الخطب وخسارتي الشخصية به اذ فقدت  الاخ الكبير والاب والراعي والموجه والمعلم على مدى 21 سنة من العمل الدؤوب والجهاد المستمر وقد رافقته على مدى هذه السنوات الطويلة في معظم زياراته العربية والدولية ولقاءاته مع قادة المعارضة العراقية وشاركته في حركته السياسية ومشاريعه الوطنية الوحدوية في دمشق وبيروت والكويت ومكة المكرمة ولندن وطهران وقد رايته في كل هذا المدار من الافعال والنشاط والحركة السياسية الدؤوبة القائد الكبير الذي كان يراهن على ارادة شعبه مدافعا صلبا عن اماله وتطلعاته في الحياة الحرة الكريمة.
في اليوم التالي من شهادة الامام طلبت من العاملين في المكتب العمل على ترتيب تشييع رمزي كبير يليق بمقام هذه الشخصية الوطنية العراقية التاريخية الفذة وكلفت ماتبقى من كادر نداء الرافدين بالعمل على اعداد عدد خاص بشهادة الامام وقد خرج العدد الاستثنائي في التالي وصور الامام ورسائل التعازي التي وصلتني تزين هذا العدد.
 وهكذا انطلقت المواكب بالالاف من حسينية الواحدي في الحجيرة بمنطقة السيدة زينب عليها السلام يتقدمهم كوكبة من العلماء العراقيين والمجاهدين واطراف من قادة الاحزاب السياسية العراقية في سوريا ومسؤولين في السفارة الايرانية وممثلين عن الفصائل الفلسطينية واللبنانية ومسؤولين حكوميين وامنيين سوريين والقيت في الحشود العراقية والعربية التي ملات فناء عقيلة الهاشميين كلمة ابكت الحاضرين وابكتني.
في هذا اليوم الذي خرجت فيه بتشييع الامام الرمزي قرات في وسائل الاعلام العراقية والعربية اسماء الوزارة العراقية الاولى لمجلس الحكم وكنت من بين الوزراء الذين تم اختيارهم لشغل منصب حكومي فكانت حصة المجلس الاعلى وزارة الاسكان والاعمار وكنت وزير المجلس في وزارة مجلس الحكم.
في اليوم التالي اكتفى رئيس تحرير صحيفة النهار اللبنانية المرحوم جبران تويني بكلمة لي وضعها في مكان المقال الافتتاحي لجريدة النهار تحدثت فيها عن العراق الجديد وحكومة مجلس الحكم والتحديات الكبيرة التي تنتظر قادة العملية السياسية.
في 16/9 /2003 عدت بشكل نهائي الى بغداد وزيرا للاسكان واديت القسم في مجلس الحكم اخر وزير ادى القسم بعد ان تخلفت عن ادائه 17 يوما من تاريخ تشكيل حكومة مجلس الحكم.



تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك