هجرتي ( الحلقة 11 ) .. باقر الزبيدي
في 10/3/1991 بدات الانتفاضة الاذارية على شكل ارهاصات جماهيرية هنا وهناك وكان هدف زيارتنا الى الرياض حماية تلك الانتفاضة من الخاصرة العربية الهشة!.
حطت طائرة صغيرة خاصة قادمة من العاصمة الايرانية طهران في مطار دمشق تحمل السيد عبد العزيز الحكيم موفدا من قبل شقيقه اية الله السيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى في اطار مهمتين.. اقناع الحكومة السورية بدعم الانتفاضة الوطنية التي كانت على الابواب وحماية خاصرتها وتقديم طائرة سلاح خاص لمواجهة دبابات وطائرات النظام الصدامي التي كانت جاهزة لتلقي الضوء الاخضر الامريكي لسحق الانتفاضة الوطنية هذه والثانية هي القاء كلمة السيد الحكيم في المؤتمر العام للمعارضة العراقية (مؤتمر بيروت 11/اذار 1991).
كان دوري بعد ان استقبلت السيد عبد العزيز الحكيم ان انتقل معه بعد ان هيأت الاجواء وثبت المواقيت مسبقا مباشرة بموكب رسمي الى مكتب نائب رئيس الجمهورية العربية السورية مسؤول الملف العراقي عبد الحليم خدام وقد استغرق اللقاء زهاء الساعة والنصف وضم اضافة الى الحكيم وخدام مدير مكتب نائب الرئيس وانا.

في هذا اللقاء قدم السيد عبد العزيز الحكيم شرحا وافيا لطبيعة الارهاصات التي تجري على الارض فيما يتعلق بحركة الجماهير العراقية في كافة المدن والمحافظات والاحتياجات التسليحية المطلوبة لمواجهة الة القمع المتوقعة للانتفاضة وجماهيرها واكد الحكيم لخدام ان العروبة والتاريخ ومواقف سوريا الثابتة ازاء العراق وقضيته تحتم تقديم كل الدعم لتلك المعارضة الشعبية الشاملة لاسقاط النظام الدكتاتوري وارفق الحكيم اثناء حديثه قائمة بنوع الاسلحة الضرورية التي تحتاجها الانتفاضة الشعبية.
خدام بدوره ابدى تخوفا من استدارة الموقف الدولي لصالح النظام العراقي خوفا من البديل الشيعي والكوردي في ظل استقطاب امريكي غربي ضد طهران وصمت العالم العربي السني واضاف خدام ان موقف العربية السعودية من الوفد القيادي الذي توجه الى الرياض لم يكن ايجابيا وربما عملت المملكة العربية السعودية على افشال مشروع لجنة العمل المشترك اكثر مما عملت على تخريب مشروع الوفاق الوطني في لبنان!.
ان الرياض سعت الى افشال مشروع المعارضة العراقية هذا بالرغم من وجود نصف الوفد من العرب السنة!.
خدام استفسر من الحكيم عن الكيفية التي يتم فيها نقل الاسلحة السورية الى المعارضة العراقية والخاصة المضادة للدبابات والمدرعات فرد الحكيم..ان هذا السلاح بالامكان نقله الى مطار مدينة الاهواز الايرانية!.
خدام اكد للحكيم ان هذا المقترح المسلح سينقله مباشرة الى الرئيس السوري حافظ الاسد ووعد بالاجابة على المقترح بعد عودة وفد المجلس الاعلى من المشاركة في مؤتمر البرستول غدا.
كان لدي تخوف كبير وواقعي في الانتقال بشخصية السيد عبد العزيز الحكيم الى بيروت بدون سيارة مصفحة بسبب الاوضاع اللبنانية في ذلك الوقت وشدة الاستقطاب الطائفي وعدم وجود امن حقيقي في الساحة اللبنانية ولان النظام كان يبحث عن هدف نوعي لافشال اول مؤتمر للمعارضة العراقية يحظى ولاول مرة ايضا بمباركة عربية فاجريت اتصالات مع كبار رجال الامن في سوريا ومنهم اللواء غازي كنعان الذي كان يشرف على  الامن اللبناني ومقره في منطقة عنجر الحدودية اللبنانية.
وبعد جهود استطعت الحصول على سيارة مصفحة اقلتني والحكيم الى مؤتمر بيروت وكنت حينها عضوا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر واتذكر ان من بين اعضاء اللجنة التحضيرية السيد جواد المالكي من حزب الدعوة الاسلامية وممثلا عن مكتب العمل الوطني (حزب البعث العراقي المعارض) والسيد لبيد عباوي عن الحزب الشيوعي العراقي وممثلون عن حركة الوفاق الوطني بقيادة اياد علاوي والجناح الثاني لحركة الوفاق الموالي للسعودية بقيادة صلاح عمر العلي والدكتور مبدر لويس عن الحزب الاشتراكي في العراق والسيد عبد الاله النصراوي عن حركة القوميين العرب اضافة الى ممثلين عن الاحزاب الكوردية.
القى السيد الحكيم كلمة السيد محمد باقر الحكيم وطلب مني العودة فورا الى دمشق لمتابعة مقترح ارسال شحنة الاسلحة التي اقترحها على الرئيس الاسد عبر خدام لكنني اخبرت السيد عبد العزيز الحكيم في طريق العودة ومن خلال خبرة سابقة في القيادة السورية ان الجواب لن يكون ايجابيا وسريعا واقترحت على السيد الحكيم ان نبيت ليلة واحدة في بيروت لغرض اجراء اتصالات بقيادات المعارضة العراقية فاصر على العودة لانه يريد ان يوصل السلاح باقرب وقت الى خلايا الثوار من معبر الاهواز.
اسرني السيد الحكيم ان الخطة تقضي ان يكون موجودا في داخل العراق وفي مدينة البصرة بالتحديد(التنومة) مقر جامعة البصرة سابقا وعليه ان يصل مع شحنة الاسلحة العربية الى البصرة واضاف اننا نستطيع ان نحصل على الاسلحة من ايران لكننا نريد ان نسقط صدام حسين بارادة شعبنا وبالسلاح العربي.
هنا اوجه سؤالا لنفسي :
لماذا لم يقترح الحكيم على طهران ارسال شحنة الاسلحة الى التنومة دون الاستعانة بسوريا واقترح على السوريين هذه الشحنة مع ان خصومة ايران مع صدام اشرس من خصومة السوريين مع النظام؟!.
اراد الحكيم ان يعطي بعدا للعروبة السورية في هذه الانتفاضة بغية حمايتها وتوفير الغطاء العربي والاسلامي لها لكن السوريين امتنعوا بحجة الخشية من الولايات المتحدة التي كانت تتربص بالانتفاضة ومن يدعمها بينما كان الايرانيون يقدمون الدعم اللوجستي ويستقبلون جرحى الانتفاضة في مستشفياتهم.
عدنا الى دمشق ودخلنا بتجربة تسويف طويلة انتهت الى تحويل الشحنة من واقع في حوار الحكيم مع خدام الى طي النسيان!.
ومن خيبة شحنة الاسلحة السورية الى خيبة انسحاب البعض من قيادات المعارضة العراقية ودون سابق انذار في وقت لم تضمد الانتفاضة جراحها وجرحاها..بدات سلسلة التراجع وعودة الحياة بالنظام فيما كنت ارى على شاشة التلفزيون دبابات وطائرات النظام تسحق الثوار في كربلاء والبصرة والعمارة فتذكرت شحنة السلاح السورية المسوفة واهمية وجود سلاح نوعي يردع بطش النظام الذي كان يقتلنا صبرا كما قتل الحسين صبرا وكما كانت دبابات النظام تدك قبة الامام صبرا وكما قتل زوار الحسين نساءا ورجالا في الحرم الحسيني المقدس.


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك