هجرتي ( الحلقة 13 ) .. باقر الزبيدي
  في يوم الجمعة المصادف 19/2/1999 اقدم النظام العراقي على اغتيال المرجع محمد صادق الصدر حيث وصلت الى
النجف تعزيزات عسكرية قادمة من بغداد لمواجهة تطورات الموقف الداخلي وشوهد قصي النجل الثاني لصدام حسين مع محمد حمزة الزبيدي رئيس وزراء النظام في حينه وهما يدخلان النجف لتباشر القوات العسكرية والامنية ضرب طوق عسكري حول المدينة قبل اربع ساعات من تنفيذ عملية اغتيال السيد.
وبعد ان ادى سماحة السيد الشهيد صلاة المغرب والعشاء في الصحن الحيدري المطهر اكدت مصادر نداء الرافدين ان السيد واثناء عودته الى بيته في منطقة الحنانة برفقة نجليه اعترضتهم سيارة صالون تحمل نمرة ذيقار وترجل منها ثلاثة اشخاص وفتحوا النار على سيارة السيد المرجع من اسلحتهم الاوتوماتيكية ولاذوا بالفرار في سيارتين من نوع بيك اب كانتا بانتظارهم.
وتقول معلومات نداء الرافدين ان السيد الصدر بقي على قيد الحياة رغم اصابته المباشرة فيما استشهد نجلاه على الفور وعند نقله الى المستشفى منعت مفرزة امن المستشفى الاطباء اجراء الاسعافات الاولية لسماحته بحجة انتظار وصول السلطات المختصة فظل ينزف لاكثر من ساعة الى ان فارق الحياة ملتحقا بركب الشهداء والصديقين وضحايا القمع من ابناء الشعب العراقي.
قمنا بنشاط سياسي واعلامي على الفور فقد نعى اية الله السيد محمد باقر الحكيم السيد الصدر في بيان الى الشعب العراقي عزى فيه الامة بهذا المصاب الجلل الكبير واكد السيد الحكيم ان اغتيال المرجع الصدر فاجعة والنظام اصدر قرار اغتياله اوائل هذا الشهر وطالب السيد الامين العام للامم المتحدة بارسال لجنة تقصي حقائق الى العراق وايجاد حماية للمؤسسات والمرجعيات الدينية والاشراف الدولي على التحقيق ازاء هذه الجريمة الانسانية النكراء.
هذا وغطت جريدتي الوقائع الكاملة للمناسبات والاحتفالات التي اقيمت على روح السيد الصدر في كل مكان من العالم ابتداءا من تظاهرات جامع المحسن في مدينة الثورة في حينها اثر استشهاد السيد مرورا بالتظاهرات التي اقامها العراقيون في الولايات المتحدة الامريكية وكندا واوربا ولبنان وسوريا وايران وجنيف ناهيك عن وضعي للسفراء العرب والاجانب بتفاصيل الجريمة النكراء هذه اضافة الى احاديثي الاذاعية والتلفزيونية والمقابلات الصحفية التي انهالت على مكتبي من قبل كبريات الصحف العربية في دبي وبيروت وسوريا وانتقلت بالحدث الجلل هذا الى بيروت وعقدت مؤتمرا صحفيا في قاعة نقابة الصحفيين اللبنانيين وبوجود امين عام النقابة السيد البعلبكي حضره عدد غفير من الاعلاميين اللبنانيين والعرب ويومها انصتت بيروت لنا في ظل هيمنة واجتياح كبير لالة النظام وحزبه على الساحة اللبنانية وقلت في المؤتمر الصحفي (ان السيد الصدر كان مدافعا صلبا عن اهل البيت والزهراء البتول وعن الولاية وعن الشعائر الحسينية وان السلطة لم تعلن عن جريمة الاغتيال هذه الا بعد يومين من وقوعها خوفا من غضب الشعب العراقي ).
واضفت في المؤتمر ان تاخير الاعلان عن النبأ لم يحل دون تفجر الاوضاع الامنية والسياسية في مدن عراقية عديدة كالنجف وكربلاء والناصرية والعمارة وفي العاصمة بغداد حيث شهدت مدن الشعلة والشعب والثورة مواجهات عنيفة بين المواطنين وقوات الامن كما استعرضت بالتواريخ والارقام الجرائم التي سبق وارتكبها النظام الوحشي ضد مرجعيات المسلمين الشيعة في العراق ورموز وقيادات الحوزة العلمية في النجف الاشرف منذ 1980 وحتى لحظة اغتيال المرجع الصدر.
في اليوم اللبناني المميز لنا صحت بيروت على فاجعة الوطن الذبيح على صفحات السفير والنهار والانوار واللواء وعشرات الصحف والمجلات والفضائيات العربية واللبنانية وصحى الضمير العربي الذي كان يراقب مشهد الاغتيال من موقع الانتماء للمشروع القومي الذي كان يهلل ويكبر ويستغفر الله في حضرة الدكتاتور!.

بعد عودتي من العاصمة اللبنانية بيروت اقمت اكبر مجلس عزاء في حي السيدة زينب عليها السلام وفتحت ابواب مكتبي في الزاهرة الجديدة لاستقبال المعزين من الشخصيات العراقية والعربية والسورية وكنت اشعر ان القتيل قتيلنا وان الذبيح ذبيحنا وان اللحظة التاريخية التي سبقت الاغتيال هي التي ستمهد الطريق امامنا من اجل المضي بذات الطريق الذي سلكه السيد الصدر ونال فيه كرامة الدارين الشعبية التي لاتحدها حدود والشهادة والخلود.
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك