قصتي .. في وزارة الاسكان والاعمار 2003 ( الحلقة 18 ) .. باقر الزبيدي
 جلست على كرسي من الحديد وامامي طاولة مشابهة متواضعة وعدد من الكراسي العادية في اشارة الى اول صورة لي
وانا وزير  للاسكان والاعمار ..اتذكر ان الغرفة المجاورة كانت للمستشار الامريكي العقيد مورغن حيث كان لكل وزارة عراقية مستشار عسكري امريكي يرتبط بمكتب الحاكم المدني الامريكي بريمر!.
من المفاجأءات التي حصلت وانا في اول يوم عمل بالوزارة وجود وكيلي وزارة وان احد الوكلاء كان زميلا لي حين كنت طالبا في كلية الهندسة /جامعة البصرة الفرع المدني المهندس عقيل الانصاري تذكرنا سوية ايام الجامعة في الستينات من القرن الماضي وليالي ساحة ام البروم ومقهى البدير و(الطبكة) وهي العبارة التقليدية التي كانت تقلنا كطلاب من البصرة المدينة الى الجامعة في التنومة!.
في الطريق الى الوزارة فكرت بوضع خطة ورؤية للنهوض بالوزارة كوزارة والاسكان كمطلب شعبي ولكني فوجئت ان الوزارة تعرضت الى السلب والنهب لحظة سقوط النظام حيث تم سرقة محتويات الوزارة ومعداتها الثقيلة والياتها الهندسية التي تم احصائها باكثر من 2 ملياردولار كذلك فان الشركات التابعة للوزارة قد تعرضت للتدمير والضرر لذات الاسباب فكان لابد من خطة شاملة وجديدة تعتمد على العمل للنهوض بواقع الوزارة المدمرة وسرعة انجاز مايمكن انجازه للناس التي كانت بحاجة كما اكدت التقارير والدراسات التي طلبتها الى مجمعات سكنية وبرامج تنمية واعادة اعمار الجسور التي دمر اغلبها في الحرب الامريكية الاخيرة وانشاء جسور جديدة وصلاح طرق.
المهمة الاخرى هي اعادة اعمار عدد من الوزارات التي تضررت بالقصف الامريكي فتم بهذا الصدد اعادة اعمار الشركات العامة للوزارة فانجزنا بهذا الصدد اعمار او ترميم بنايات الشركات ووزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية واصلاح الطرق وافتتاح جسور في مدن ومحافظات العراق ووضعت حجر الاساس ل7 مجمعات سكنية تم انجاز اغلبها اثناء وبعد خروجي من الوزارة.
وضعت الوزارة في عهدنا خطة لاستيراد معدات واليات جديدة ووصلت تلك الاليات الى العراق للمساهمة في اعادة الاعمار واطلاق مشروع التنمية الشاملة رغم قلة التخصيصات والوضع الامني المتردي ووجود قوات محتلة وكنت اتنقل بسيارات عادية ولاتوجد لدي سيارة مصفحة وكنا نعتمد كما كنا في المعارضة العراقية على اسلوب المناورة والتخفي.
وفيما انا اعيد ترتيب اولويات الوزارة على المستوى الخدمي بلغني ان المستشار الامريكي الجديد مايكل كرم بدا يحوك مؤامرة لاستقطاع شركة الرشيد العامة وهي واحدة من اكبر شركات المقاولات الانشائية الخاصة بالوزارة ومحاولة فصلها عن الوزارة ودمجها بشركة امريكية (شركة ساندي) فاكتفيت بمراقبة هذا المستشار من بعيد من خلال متابعته بالتقارير الخاصة التي كانت تردني من الشركة وحين استكمل صيغة العقد النهائية طلب مني موعدا وشرح ابعاد خطته لمااسماه هو تطوير عمل الوزارة على اساس ان تقوم الوزارة بدفع 100000 دولار كراسمال للشركة الجديدة التي ستنشأ باندماج شركتي ساندي الامريكية والرشيد العراقية واشار الى ان مجلس الادارة سيكون بالمناصفة مابين الشركتين مع ترجيح نسبة 1% لشركة ساندي!.
طلبت من المستشار ترك الملف بغية دراسته من قبلي وعند الاستفسار من السادة الوكلاء والمستشار القانوني اشاروا ان هذا الاجراء مخالف للقوانين العراقية المرعية والنافذة ولاتوجد صلاحية للوزير بمنح 100 الف دولار لهذا المشروع الجديد!.
بعد يومين دخل المستشار الامريكي الذي كان مدير حملة الرئيس ريغان وهو من صقور الحزب الجمهوري وامريكي من اصول لبنانية الى مكتبي وجلسنا نتحاورفابلغته ان الاسباب الموجبة والمطابقة للقوانين العراقية تمنع منح دمج شركة حكومية مع قطاع خاص وذكرت له المواد القانونية التي تمنع من التوقيع فنهض من كرسيه وقال ..ابلغك ان هذا العقد يجب ان يمضي!.
جرى هذا النقاش بحضور الوكلاء والمستشارين ومدير عام شركة الرشيد العامة وحين تطور الحوار بيني وبينه امرت باخراجه من المكتب مع مدير شركة ساندي ومساعديه وكتبت على الفور رسالة شديدة اللهجة الى الحاكم المدني الامريكي بول بريمر مرفقة بصورة من العقد واتصلت به هاتفيا وافهمته بماجرى من تطورات مفاجئة بيني وبين كرم وطلبت منه سحب المستشار من الوزارة وقد تم ذلك بالفعل حيث امر بريمر باعادة مايكل كرم الى الولايات المتحدة الامريكية.
كان هنالك اجتماع اسبوعي يحضره رئيس مجلس الحكم الدوري والحاكم المدني والوزراء يتم فيه مناقشة الاوضاع السياسية ومستوى الخدمات التي تقدمها الوزارات العراقية ويفرد مجال مهم لمناقشة المسالة الامنية وتصاعد عمليات الارهاب التي كانت تقترب من المساس بالثنائيات الطائفية والعرقية والقومية واتذكر ان الوزارة استهدفت بسيارة مفخخة وانفجرت في البوابة الرئيسية لها.
اعتقد ان الهدف من وراء هذه العملية الارهابية هو استهدافي شخصيا لكن طريقة التخفي اضاعت على المستهدفين الهدف حيث تحطم زجاج المكتب وبقية مكاتب الوزارة..ولم تتحطم ارادة النهوض!.
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك