هجرتي ( الحلقة 8 ) .. باقر الزبيدي
 بعد نهاية هذه الزيارة بدات لجنة العمل المشترك بالانفتاح على العالم الغربي وجرت سلسلة من اللقاءات السياسية مع كبار الشخصيات الاوربية في
باريس وهولندا وبلجيكا ولوكسنبورغ والمانيا وتم في تلك الزيارات شرح مفصل لاهم المحطات التي تحركت فيها المعارضة العراقية وتصور ادارة الحكم لان البديل عن صدام حسين كان مسالة مستحيلة في ذلك الوقت..كنا نواجه صعوبة كبيرة باقناع الغرب ان يكون الشعب  العراقي وقواه الوطنية في ظل ديموقراطية وتعددية سياسية بديلا لصدام حسين!.
اعتقد ان لجنة العمل المشترك ادت ماعليها في الفترة السابقة من عمل المعارضة العراقية على المستويين السياسي والاعلامي بحكم عدم الانفتاح على العالم الغربي وعدم القدرة على فتح الاقنية مع الولايات المتحدة الامريكية والاهم صعوبة وجود علاقة مع الولايات المتحدة لمكون (لعم) لديه علاقات قديمة مع سوريا وايران!.
هنا بدات فكرة تشكيل محور سياسي قادر على الموائمة بين الدولي والاقليمي فكان مشروع النقاط الخمس الذي طرحه السيد محمد باقر الحكيم خلال زيارته سوريا ولقائه الرئيس السوري حافظ الاسد عام 1992 حين طرح عليه وعلى المعارضة العراقية التي التقاها بدمشق هذا المشروع اضافة الى حضور شخصيات عراقية معارضة مهمة من اوربا والولايات المتحدة ودول عربية.
في الزيارة بين السيد الحكيم طبيعة هذا المشروع وجدواه في واقع المعارضة العراقية حيث ارتكز على خمسة اسس هي حركة الشعب العراقي ووحدة الشعب والمعارضة العراقية والعمل الميداني والعامل الاقليمي والعامل الدولي مافتح المجال ووسع الطريق مثلما وسع الرؤية لتكون المعارضة اوسع واشمل واقدر واكثر انفتاحا على مواجهة التحدي الذي طرحته الشروط الخمسة لمبادرة الامام الحكيم.
ماجرى ان الليبراليين والديموقراطيين الموجودين في الولايات المتحدة الامريكية واوربا انضموا الى لجنة العمل المشترك ليتكون منها تاليا ماسمي بالمؤتمر الوطني العراقي الموحد ولاحقا سمي بالمؤتمر الوطني العراقي الموحد الذي عقد اولى اجتماعاته الموسعة والكبيرة في مصيف صلاح الدين شمالي العراق الذي كان ضمن المنطقة الامنة التي ضمت ثلاث محافظات كردية هي اربيل والسليمانية ودهوك شمال الخط /37 الذي سمي بالخط الازرق.
مااود قوله هنا ان لولا الجهود الكبيرة التي بذلها سماحة الامام الشهيد محمد باقر الحكيم بضم الشخصيات الليبرالية والديموقراطية للعم لما كان هنالك شيء يسمى وحدة المعارضة العراقية وبالتالي ليس هنالك شيء يسمى المؤتمر الوطني!.
في مصيف صلاح الدين وبعد مخاض دام ثلاثة ايام تم تشكيل الهيئة الرئاسية للمؤتمر تمثلت بالدكتور محمد بحر العلوم واللواء حسن النقيب ومسعود البارزاني وتشكلت لجنة تنفيذية برئاسة الدكتور احمد الجلبي وثلاث نواب له هم بيان جبر ولطيف رشيد (كردي) وهاني الفكيكي (قومي) وقد مثل المؤتمر الوطني العراقي النواة الاولى للتفاهم مع الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وكان للدكتور احمد الجلبي الدور الفاعل في فتح الابواب المغلقة وتقديم المعارضة العراقية كبديل موحد وصالح وقادر لادارة السلطة العراقية عوضا عن الدكتاتورية العراقية السابقة.
استطاع الدكتور الجلبي وبالافادة من علاقاته الامريكية من استصدار قانون تحرير العراق من الكونكرس الامريكي حيث تلتزم الادارة اية ادارة امريكية عدم التعامل او التعاطي مع الحكومة العراقية التي كان يقودها صدام حسين وتلتزم تقديم الدعم السياسي والاعلامي لقوى المعارضة العراقية التي توحدت في اطار المؤتمر الوطني العراقي الموحد.
في 9/2/1991 اصدرنا العدد (0) من جريدة نداء الرافدين وهي اول صحيفة عراقية تصدر في دمشق وتمثل راي المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق وكان من كتابها – خلاف توجهات الصحف الحزبية والسياسية العراقية التي كانت تصدر انذاك – الشيوعيون والاسلاميون الاكراد والعرب البعثيون والليبراليون ومن مختلف توجهات وتيارات المعارضة العراقية كما استقبلت نداء الرافدين على صفحاتها اعمدة كبار الكتاب العراقيين كالمفكر والاعلامي العربي العراقي حسن العلوي  والشاعر المعروف مدين الموسوي (الوكيل الاقدم لوزارة الثقافة  جابر الجابري) والاعلامي عمار البغدادي والاعلامي عادل رؤوف والاعلامي سالم الشمري والاعلامي الشاعر احمد عبد الحسين والشاعر باسم المرعبي والكاتب كريم جواد والاعلامي عدنان الامير الذي كان سكرتير تحرير الجريدة والمرحوم هادي المهدي كما كتب فيها اللواء وفيق السامرائي والمؤرخ صلاح الخرسان وعدنان الحلفي وقد تراست تحرير هذه الصحيفة العراقية اواسط التسعينات وكنت المؤسس لها.
انفتحت الجريدة على كل الاوساط وكان لها عيون يرصدون حركة النظام العراقي في الداخل والخارج وكان النظام يرصدها بعيونه ومخبريه السريين مثلما كنا نرصده بعيوننا وعيون مجاهدينا في الداخل وكانت تصل الى كل مكان يتواجد فيه النظام حتى شملت مكاتب عدد كبير من الرؤساء والملوك واصحاب جلالة عرب..وكانت تصل الى كبار قادة المخابرات العراقية.
النظام وازاء نشاط هذه الصحيفة وتاثيرها المتزايد في الساحة العراقية بما كانت تمنحه من خط وتوضحه من توجه وتشكله من اريحية في اطار الدفاع عن مظلومية الشعب العراقي ومواجهة الحصار المفروض كان يشتكيها دائما للحكومة السورية واللبنانية واكتشفت لاحقا حين تسنمت منصب وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة (ملف نداء الرافدين في المخابرات العراقية) اما الذي حدث فهو ان المخابرات العراقية (رئاسة الجمهورية) زرعت عميلا لها في مركز الدراسات الاستراتيجية العربية الذي اسسناه بالتزامن مع تاسيسنا لنداء الرافدين وكانت مهمة العميل ايصال مانكتبه على شكل دراسات محدودة التداول الى هذا الجهاز الامني التابع للرئاسة العراقية!!.
اسسنا خلال 13سنة واكثر من العمل المستمر والدؤوب في نداء الرافدين مدرسة اعلامية خاصة لها ملامحها ومعالمها ومنهجيتها العراقية بموازاة المدرسة اللبنانية والمصرية في الصحافة ويشهد بذلك من كتبوا فيها واستضافتهم على صفحاتها ومن بينهم نائب الرئيس العراقي السابق عادل عبد المهدي.
وبسبب تطور العلاقات العراقية السورية نهاية التسعينات ابلغتنا السلطات الامنية في دمشق بضرورة اغلاق نداء الرافدين كجزء من ثمن التطبيع السياسي الذي كان يجري بين بغداد ودمشق فقررت نقل ارشيفها وطباعتها الى العاصمة اللبنانية بيروت وتوزيعها الى مختلف مناطق العالم ولكن بصورة اشمل واوسع من ذي قبل فتمت مضايقتنا في بيروت هذه المرة فاجبرنا على طباعتها في العاصمة الفرنسية باريس بالاتفاق مع السيد عادل عبد المهدي.

وبقيت نداء الرافدين تؤدي رسالتها الوطنية في الاعلام دفاعا عن الشعب العراقي دون تمييز بين احمر واصفر مسلم ومسيحي شيعي وسني دعوة ومنظمة حركة وحزب وكانت خير مثال للاعلام المهني المسؤول ..وقد صدر اخر عدد لها وهو يؤبن السيد محمد باقر الحكيم عام 2003وتقدمه للعالم العربي شهيد المحراب وزعيم الثورة وسبط التجربة المحمدية  القتيل.
تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك