أيام في الداخلية   (لغز البغدادي)

 أيام في الداخلية

 (لغز البغدادي)


كان أحد أهدافنا خلال حملة القضاء على الإرهاب إبان تسنمنا وزارة الداخلية عام 2005 هو المدعو إبراهيم البدري السامرائي المكنى(أبو بكر البغدادي) وسبق وإن نجحنا في إلقاء القبض عليه بجهود الشرطة الإتحادية وجهد شخصي من لدن قائد الشرطة الإتحادية آنذاك اللواء عدنان ثابت السامرائي وصُدِمت حينما علمت بأن القوات الأمريكية إقتحمت سجن الإتحادية وإقتادته إلى (معتقل بوكا) وقَبعَ هناك حتى قبل خروج القوات الأمريكية من العراق بعد الإتفاقية الإطارية عام 2011 مثلما ألقينا القبض على العميل المزدوج (فادي اللحدي) وقامت القوات الأمريكية بالهجوم على ملجأ الجادرية وأطلقت سراحه بذات الأسلوب !.. 


من هنا عندما علمت بإطلاق سراح السامرائي البغدادي وأنا وزيراً للداخلية بدأنا نتقصى أخباره حيث نمتلك معلومات عنه وعن خطورة مشروعه كما نمتلك الخبرة بمتابعته.


وخلال الفترة الواقعة بين وجودنا في وزارة المالية وذهابنا إلى مجلس النواب تَكّونت لدينا معطيات ميدانية لذا بدأنا نحذر في السّر والعلن، لكننا إكتشفنا بأن تحذيرنا لم يكن يلقى آذاناً صاغية أو عقولاً تعي ما نقول بل وجدنا ذهنيات باغية تطمس الحقيقة وتغطي على الفشل بالخطابات النارية والتلفزيونية الرنانة.


إن متابعة دقيقة لحركة "د ا ع ش" وهي الجيل الثالث للقاعدة وتأسيس نواة الدولة وعاصمتها الرقة السورية ونظرية البغدادي (البدري السامرائي) التي تقوم على أن تكون الرقة عاصمة الدولة بإعتبار هذه الدولة إمتداد الدولة العباسية التي كان مقرها الدائم في بغداد وعاصمتها الصيفية هي الرقة كان يحتم على المتابعين _ ونحن منهم _ أن يذهبوا بإتجاه بأن الهدف القادم هو العراق.


وحسب المعلومات المؤكدة لدينا في ذلك الوقت إن العراق سيكون المَعبر وليس المُستقر، والهدف هو (الكويت والسعودية ودول الخليج الأخرى) فمتى ما أنشبت "د ا ع ش" أظفارها في الأنبار ستبدأ بالتحرك إتجاه دول الخليج لأن داعش لم تنجح في تطويع الآلاف من العراقيين والسوريين إنما إستنجدت بأتباعها في دول العالم الأخرى وبسيطرتها على السعودية ستضمن المال والرجال وهذا ماسيتيح لها التمدد في كل دول العالم لكي تكتمل الصورة التي خطط وعمل عليها "الجيل الرابع للقاعدة" التي ستعود لتؤمن بعالمية وأممية الدولة الإسلامية.


من هنا بدأنا منذ عام 2011 ونحن على مقعد مجلس النواب بدق ناقوس الخطر للتهيؤ لمواجهة هذا الخطر القادم حتماً، وأعلنتها عبر فضائية العراقية بأن القتال سيكون على أسوار بغداد توكيداً وتنبيهاً صادقاً بأن المخطط لايستهدف سوريا وحسب، إنما سينتقل من العاصمة الصيفية في الرقة إلى العاصمة العباسية في بغداد لينطلق منها نحو النفط وقواعده الوهابية في الخليج.


     باقر جبر الزبيدي 

 (وزير الداخلية الأسبق) 

         ٢٧ آذار ٢٠٢١


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك