أيام في وزارة الداخلية (عمليات البرق)

 أيام في وزارة الداخلية (عمليات البرق)


 أحد أهم الأسباب المحورية بنجاح (عمليات البرق) هي العلاقة المتميزة بيننا كوزيراً للداخلية في حينها وبين الكتل والأحزاب السياسية بكل أطيافها، حيث كنا نعقد بإستمرار الإجتماعات واللقاءات مع قادتها وممثليها، لذا تمتعت المعلومات الأمنية التي كانت تردنا بمصداقية كبيرة، وهذا الأمر عائد إلى المصداقية الكبيرة والعلاقة المميزة التي ربطتنا بقادة الأحزاب السياسية.


أنشأنا في المكتب الخاص للوزير قسماً يعنى بجمع المعلومات وتصنيفها حسب المناطق الأمنية في العاصمة والمحافظات العراقية، وقد وضعنا خطة تمنح الأولوية للمعلومات المتقاطعة التي تتكرر ثلاث مرات من جهات أمنية متعددة أما التي تتقاطع مرتين فإنها تأتي بالأولوية الثانية، والمعلومة التي لاتتقاطع مرتين أو ثلاث مرات فترسل إلى إستخبارات الداخلية والشرطة الإتحادية؛ للتأكد من مصداقيتها وتدقيقها، لذا فإن (عمليات البرق) في مراحلها الأولى إستطاعت أن تصل إلى أهدافها المحورية بدقة عالية، بسبب المصداقية الكبيرة للمعلومات التي حصلنا عليها في وقت سابق وأخضعناها لنظام الأولويات.


تم مراعاة حركة المواطنين في الشوارع وإنسيابية الوضع العام حينها، فلم نسمح بدخول الشارع في زحمة الشد الأمني وكثرة السيطرات، فأتخذنا من المساء وقتاً مناسباً لعملياتنا الأمنية، بغية الوصول إلى الأهداف المرجوة، بعد إستحصال القرارات القضائية بالقبض على المجرمين ومداهمة الأوكار الإرهابية.


نتذكر جيداً إننا أستطعنا ضبط  وإبطال مفعول مامجموعه (125 سيارة مفخخة) خلال شهرين وبدا الوضع الأمني يميل إلى الإستقرار في العاصمة بعد تطهير مناطق كانت ساخنة (كالدورة وحي العامل والسيدية والعامرية وحي الجامعة والعدل إضافة الغزالية) ونجحنا بإيقاف "مخطط تقسيم بغداد" حيث كانت هذه المناطق مسيطراً عليها من قبل الإرهابيين وإنخفض منسوب العمليات الإرهابية بنسبة 80 %.


تم إجراء إنتخابات الجمعية الوطنية بنجاح كبير،  كذلك إنتخابات التصويت على الدستور، ولم تحصل حينها أي عملية إغتيال وكنا نتجول مع الأخ سعدون الدليمي وزير الدفاع في شوارع بغداد من محطة إنتخابية لأخرى ولن ننسى حينما وصلنا إلى مدينة الكاظمية المقدسة، إننا توجهنا إلى أحد المراكز الإنتخابية المجاورة لمنزلنا في المدينة، للمشاركة في الإنتخابات، وقد رحب بنا الإخوة القائمون على صندوق الإقتراع، لكنهم رفضوا إدلائنا التصويت لعدم وجود أسمائنا،  مما أضطرنا للعودة للتصويت في أحد المقرات المخصصة في المنطقة الخضراء أو مايعرف بالتصويت الخاص.


وشعرنا حينها بأن تعزيز نجاح العملية الأمنية بحاجة إلى روح للمصالحة الوطنية فقد عكفنا على إجراء سلسلة من اللقاءات مع زعماء العشائر العراقية من أعالي الفرات إلى البصرة في جنوب العراق، وكان أول لقاء لنا بحضور الأخ وزير الدفاع د.سعدون الدليمي مع الشهيد عبد الستار أبو ريشه، وكان لقاءاً مفعماً بالود والإخوة والتطلع لبناء دولة الإستقرار والأمن، وخرجنا بعد اللقاء بمؤتمر صحفي نحن الثلاثة و شكلنا (وحدة العراق) وأكدنا أمام وسائل الإعلام بأن العراق قويٌ برجاله وتنوعه وشكيمة فرسانه.


وبسبب العمليات الأمنية المستمرة التي ركزنا فيها على تنظيف العاصمة من القاعدة والإرهاب، إنتقلنا إلى محيط العاصمة؛  وتحديداً مثلث الموت في (الدورة واللطيفية واليوسفية) حتى أصبح الطريق آمناً لأداء زيارة أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) ونتذكر جيداً بأننا كنا على إشتياق كبير لزيارة الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) فسقط هاون على التل الزينبي وكانت تلك فرصة للتوجه إلى كربلاء المقدسة للإطلاع على الوضع الأمني، ولكي تمر الزيارة بسلام دون مشاكل أمنية، حركنا فوجاً من المغاوير بقيادة اللواء رشيد فليح بإتجاه المناطق التي كنا نتوقع وجود نيران عدوة منها، في حين عقدت إجتماعاً مع اللواء الركن عثمان الغانمي قائد عمليات الفرات الأوسط حينها وقائد شرطة كربلاء، وقدنا العملية الأمنية من محافظة كربلاء بنجاح كبير.


وزير الداخلية الأسبق

   باقر جبر الزبيدي

    ٣٠  آذار ٢٠٢١


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك