أيام في الداخلية   ( سياسات صنعت الإرهاب)

 أيام في الداخلية

 ( سياسات صنعت الإرهاب)


من خلال معرفتنا كوزير للداخلية بالحركات الجهادية المتطرفة، فإن الأسُس الفكرية والثقافية التي تعتمدها تلك الحركات في تطوير نفسها، هي أن تجد في الطرف المقابل سواءاً كان (شيعياً أم سنياً أم إيزيدياً أم مسيحياً أم كردياً) التشدد والتطرف والطائفية، والإعلام المنفلت الذي يغذي مسالك التطرف عند الطرفين..

خلال السنوات الماضية من عمر صراعنا مع د ا ع ش والقاعدة كُنا نراقب المشهد الطائفي جيداً وكنا نتألم إيما ألم عندما نرى سياسياً أو نائباً في البرلمان يتحدث بنهج طائفي شبيه بطائفية الزرقاوي ود ا ع ش وجبهة الن ص ر ة.


ونقولها واضحة الآن وسجلّوها عني إن عدداً من النواب والسياسيين تحولوا إلى وقود لتسعير الشحن الطائفي الذي تعيش فيه وعليه د ا ع ش وتتطور وتكثر حاضناتها في الساحة العراقية .


إن هؤلاء النواب حصلوا على أصوات إنتخابية كبيرة لكنهم نسوا إن التقسيم الطائفي هو المسؤول عن تطوير وتوسيع د ا ع ش وحاضناتها وتوسيع رقعة القتل والتفجير وإستهداف أبناء الوطن عموماً.


ولو نجحت الحكومات في وقتها بوأد الفتنة الإرهابية وإستوعبت خلايا الدم وطهرت ساحات الإعتصام التي إستخدمتها القاعدة خزاناً خلفياً للمقاتلين عبر الإستجابة للمطالب المشروعة، لكنا وفرنا على أنفسنا وعلى شعبنا وقواتنا المسلحة جهداً إضافياً كلفنا وسيكلفنا الكثير كانت الحكومة حينها منشغلة بالمصالح الإنتخابية وكانت تصف هذه التجمعات بتوصيفات غير لائقة ولم تنتبه إلى عمق المشروع الذي كان يتشكل سِفاحاً تحت المنصات حيث راح ضحية هذا السِفاح.


 الأزيديون والشيعة والسنة والكورد و التركمان والشبك والمسيحيون وعشرات الآلاف من الأراضي ومئات الجنود وسبايكرات شيعية يندى لها الجبين.


وهنا نتسائل : من يتحمل مسؤولية هذا الدم الذي أُهرق على وديان الرافدين وعشرات المليارات التي أُهدرت بلا معنى في الحروب العبثية بعد إن كلفنا الدكتاتور في حروبه البعثية والعبثية مئات المليارات؟..


أين الحكمة والإتزان في طريقة معالجة أزمة تفجرت فجأة ودون سابق إنذار لكنها كانت تحت الرماد في إطار مطالب كان يمكن تحقيق المتيسر منها والممكن والذي يتطابق مع الدستور والقوانين المرعية في البلد؟.


الذي حصل .. إننا لم نعمل على نظرية سحب الذرائع من تحت أقدام المسلحين وأصحاب مشروع تمزيق العراق وأخذنا بناصية الكلام المتطرف الذي يستهوي السذج ويجند الخدج من شباب كانوا جاهزين للتطوع في أي مشروع متطرف بعد إن نالت الحكومة منهم بعبارات قاسية!..


قلنا في البيان الذي أصدرناه في 1/1/2013 وفي باكورة التظاهرات والإعتصامات التي عمت بعض مناطق الغربية  (نحذر من موقعنا الوطني إستمرار الدعوة لإسقاط العملية السياسية ... كان لسياسات التهرب من تنفيذ إتفاقات أربيل التي تشكلت على أساسها حكومة الشراكة الوطنية 2010- 2014) دور في إذكاء روح التمرد على هيبة الدولة ومنها عدم حسم الوزارات الأمنية(الداخلية والدفاع والأمن الوطني والمخابرات) ونعتقد إن بقاء هذه الملفات دون حسم سيعمق الأزمة السياسية في العراق).


وأكدنا في البيان أيضاً (إدانة الشعارات الطائفية وإستخدام القوة المسلحة في تفريق المتظاهرين ودعوة عشائرنا العربية إلى ضبط ايقاع التظاهرات وعقلنة الهتاف السياسي والبراءة من الشعارات الطائفية).


إن الحكومة إستخفت بالمطالب وحجم التظاهرات وإستهانت عبر رؤية تلفزيونية لأكثر من مسؤول كبير في الدولة بمشروع التطرف الذي كان يتخفى وراء صور السجينات وحتى خلف عمائم من وقفوا فوق المنصات.


المؤلم في الأمر إن العامة من أبناء شعبنا لم تدرك خطورة ما كان يجري وذهبوا خلف الشعارات الطائفية الرنانة التي لم تقتل ذبابة وهو ما كان التنظيم يسعى إلى الترويج لبضاعتهِ .. فوجدوا في بعض السياسيين من يؤدي تلك المهمة دون ثمن!


     باقر جبر الزبيدي

  وزير الداخلية الأسبق 

        ٣١ آذار ٢٠٢١


تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك