ظاهرة الانتحار تدق ناقوس الخطر..

 


ظاهرة الانتحار تدق ناقوس الخطر..


لاتعتبر ظاهرة الانتحار ظاهرة جديدة في المجتمع العراقي وقد حاولنا الحصول على ارقام تؤكد ذلك من زمن النظام السابق الا انه كان يتعمد عدم تسجيل المتوفين بهذه الظاهرة بل يكتفي باصدار شهادة الوفاة ويحدد اسباب وفاة غير صحيحة.


وخلال فترة الحرب العراقية الايرانية ومع تزايد العقوبات بحق الجنود الذين رفضوا الانخراط في الحرب من قطع اذان وايدي ووصلت الى عقوبة الاعدام زادت حالات الانتحار في العراق بشكل كبير ثم عادت وتضاعفت مع اشتداد الحصار الاقتصادي في 1993 ووصلت الى ارقام كبيرة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي.


وفي الاونة الاخيرة تصاعدت بشدة ظاهرة الانتحار وبلغ عدد حالات الانتحار المسجلة في العام الحالي 772 حالة مقارنة بـ 663 حالة سجلت خلال العام الماضي مما يعني زيادة بنسبة 100 حالة في كل سنة.


حالات الانتحار بدأت تتزايد منذ عام 2016 وبلغت حالات الانتحار فيه 393 حالة وفي 2017 بلغت 462 حالة وفي 2018 بلغت الحالات 530 حالة وفي عام 2019 بلغت 605 حالة وبالتعمق اكثر في سجل المنتحرين نلاحظ ان الضحايا دون 20 سنة كانت نسبتهم 36.6% ومن سن 20 إلى 30 سنة كانت نسبتهم 32.2% ونسبة الذكور تشكل 55.9%، والإناث 44.8% وحالات الانتحار بين المتزوجين تشكل 40%.


هناك عدة أسباب أدت الى تفاقم ظاهرة الانتحار في العراق منها انتشار وتعاطي المخدرات والتفكك والعنف الأسري والحروب والكوارث التي مر بها العراق والتي زادت من الضغوط النفسية في المجتمع واليوم هذه المشاكل مستمرة وأضيف لها الوضع الاقتصادي المتردي حيث تبلغ نسبة البطالة 27% فيما تبلغ نسبة الفقر 31.7% حيث يصنف الفقر كواحد من اهم اسباب الانتحار.


قلة عيادات الاستشارات النفسية حيث لايوجد سوى مستشفى تخصصي واحد للامراض النفسية في العراق ساهم في تزايد حالات الانتحار وبحسب منظمة الصحة العالمية WHO)‎‏) يعاني واحد من كل أربعة عراقيين من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص وهو رقم مخيف يوضح قلة الاهتمام بالجانب النفسي كما يجب الاشارة الى المرض النفسي باعتباره مرض العصر بينما تفرض ثقافة المجتمع الى اعتباره امر معيب ويجب اخفائه.


ان هذه الظاهرة المخيفة تحتاج دراسة مكثفة يجب من خلالها التركيز على مفاصل الاسرة الاب والام الذان يقومان بنقل النظرة العامة للحياة الى اولادهم وبسبب انشغال الاهل بشؤون الحياة التى زادت صعوبة اصبح الابناء فريسة سهلة للوحدة واليأس ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصا المواقع التي تنشر الألحاد واليأس يضاف لها قنوات فضائية تتعمد بشكل كبير التركيز على الجوانب السلبية في المجتمع حتى وصل الامر في بعض القنوات الى التركيز المناطقي بنسبة 70% من اخبارها السلبية.


كما لابد ان نؤشر على ان تراجع الوعي الديني حيث يحرم ديننا الحنيف قتل النفس ومثال على ذلك الدور الكبير للاخ والصديق عميد المنبر الحسيني الدكتور احمد الوائلي (رحمه الله) والذي كان من اشد المحاربين للمفاهيم الخاطئة التي تروج لقتل النفس من خلال محاضراته الثرية في كل البلدان التي حاضر فيها واليوم لانجد من يقوم بهذا الدور بنفس الهمه والعزيمه والعمق ومع مانشهده من غزو ثقافي وفكري والحروب الناعمة التي تركز على تهديم الاسرة التي تعتبر اللبنة الاولى في اي مجتمع.


الحلول اليوم يجب ان تبدأ بالأسرة والمجتمع والمنبر الديني التوعوي مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية حتى نعالج هذه الظاهرة المدمرة قبل ان يفوت الاوان لا سامح الله.


   باقر جبر الزبيدي

وزير الداخلية الاسبق

 ٢٧ كانون الاول ٢٠٢١

تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك