تراجع الإسلام السياسي .. الأسباب والمعطيات

 


تراجع الإسلام السياسي .. الأسباب والمعطيات 


تعثرت تجربة الإسلام السياسي، التي شهدت صعوداً في بعض الدول،  خصوصاً بعد (الربيع العربي) ومنها (مصر وتونس وأخيراً المغرب) كما أن التجربة لم تنجح في العراق بعد 17 عام من سقوط النظام الدكتاتوري.


ومن أجل الحصول على إجابة محايدة بعيدة عن الأهواء والإنتماءات الهدف منها الوصول الى الحقيقة و تشخيص الخلل لابد أن نذكر كل ماجرى في هذه التجارب من سلبيات وإيجابيات ونذكر خصوصية كل تجربة على حده.


الربيع العربي الذي فتح الباب للإسلاميين للوصول إلى سدة الحكم وأقصى ديكتاتوريات كبيرة كانت تعتمد على الدعم الغربي لم يحضى بتأييد بعض الدول العربية خصوصاً الإمارات والسعودية فعمدت هذه الدول الى ضخ أموال ضخمة وتغذية الدول العميقة في قلب بلدان الربيع العربي وصناعة إعلام قوي ضد الإسلاميين مع محاصرتهم بالأزمات الداخلية والإستعانة برجال الأنظمة الديكتاتورية السابقين في تقويض تجربة الإسلام السياسي.


الإمارات والسعودية كانتا تخشيان من رياح التغيير ومن الإسلاميين بالخصوص لإعتقادهم بأن الإسلاميين منافسين لهم في الشرعية على البلدان الإسلامية ووجودهم خطر على حكم الأمراء والملوك وسيسلبهم أهم مقومات حكمهم وهو الشرعية الدينية التي تضمنها لهم مؤسسات دينية تابعة للسلطة وتسّبح بحمد الأمير والملك.


البداية كانت مع مهد ثورات (الربيع العربي) تونس والتي صعدت فيها أسهم حركة النهضة التونسية بسرعة كبيرة الا أن الحركة إرتكبت خطأ كبير حين أصرت على النظام البرلماني دون كتابة دستور يضمن صلاحيات البرلمان بشكل حقيقي يطبق على أرض الواقع وحين سُئل راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة عن سر تفضيله للنظام البرلماني على النظام الرئاسي، قال : بأنه لا يريد أن (تتغول مؤسسة الرئاسة).


بالرغم من أن الحركة هي من قدمت مرشح الرئاسة قيس سعيد بصفة مستقل إلا أنها فشلت في مواجهته فيما بعد حين تحالف مع الجيش وتمكن من الإستحواذ على جميع السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) وللأمانة التأريخية فقد إرتكبت حركة النهضة أخطاء كبيرة وجسيمة تمثلت بفساد عدد من نوابها ووزرائها والمحسوبين عليها، مما سهل مهمة الرئيس التونسي الذي رفع شعار محاربة الفساد المحبب للشعوب بشكل عام.


في مصر ومع وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة بعد إسقاط حكم الرئيس حسني مبارك، قطعت دول الخليج النفط وبدأت أزمات الوقود والخبز تحاصر الرئيس محمد مرسي ومن ثم شكلت حركات مدعومة إماراتياً مثل حركة كفاية وغيرها وتم إطلاق عدد من الفضائيات يرافقها أزلام نظام حسني مبارك ورجال الأعمال المتضررين من رحيله ليحاصر الرئيس المصري ومن خلفه حركة الأخوان المسلمين لتصل الأوضاع إلى لحظة الإنفجار التي أدت الى الإنقلاب العسكري بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي والذي شكر علنا الإمارات والسعودية على دورهما في تخليص مصر من حكم الأخوان حسب تعبيره.


بقي أن نعرف بأن السيسي كان ملحقاً عسكرياً في السعودية لسنوات طويلة وبقي على تواصل مع شخصيات خليجية حين أصبح مديراً للمخابرات العسكرية المصرية ومن ثم وزيراً للدفاع.


    باقر جبر الزبيدي

وزير الداخلية الأسبق

    ١٣ أيلول ٢٠٢١

تحرير المقال
عن الكاتب
مقالات مشابهة

ليست هناك تعليقات:

أو يمكنكم الإتصال بنا من خلال النموذج التالي

الاسم بريد إلكتروني* رسالة*

التعليقات

تعليقات الموقعفيس بوك